للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِهِ على حِسَاب مَا قَبَضَ، أَو يَأخُذُ مِنْهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَيَّ سِلْعَةٍ شَاءَ، حَاشَا الطَّعَامِ، لَأَنَّهُ يَصِيرُ في الطَّعَامِ اقْتَضَاءُ طَعَامٍ حَاضِرٍ مِنْ طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ، إذْ قد كَانَ لهُ أَنْ يُؤَخِّرُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الرُّطَبِ أو مِنَ الفَاكِهةِ إلى قَلِيلٍ، فاَخَذَ مَكَانَهُ طَعَاماً مُعَجَّلاً، فَيَدخُلَهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ لَيْسَ يَدَاً بِيَدٍ.

قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: وكَانَ يُخَفِّفُ ذَلِكَ أَضبَغُ بنُ الفَرَجِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَا بَقِيَ للمُسْلَمِ على البَائِعِ مِنْ ثَمَنٍ يَأْخُذُ فِيهِ طَعَاماً مُعَجَّلاً، وذَلِكَ جَائِزٌ، ولَو أَخَّرَهُ بهِ لَمْ يَجُزْ، لأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنَاً بِدَيْنٍ.

قالَ أَبو المُطَرَفِ: روَى يَحيىَ بنُ يَحيىَ، عَنْ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنْ مَالِ الرَّجُلِ الحَائِطَ، فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخِيلِ: العَجْوَةُ، والكَبيسُ، والعَذْقُ، فَيَسْتَثْنِي مِنْها البَائِعُ ثَمَرَ النَّخْلَةِ أو النَّخْلاَتِ يَخْتَارُها، وذَكَرَ المًسْالَةَ إلى آخِرهَا.

ورَوَى ابنُ بكَيرٍ عَنْ مَالِكٌ: فَيَشْتَرِي مِنْها ثَمَرَ النَّخْلَةِ أَو النَّخَلاَتِ (١)، وهذا هُوَ الصَّحِيحُ، لأَنَّ المُشْتَرِي هُوَ الذي يُرِيدُ أَنْ يَخْتَارَها مِنْ حَائِطِ البَائِعِ، وهذا لا يَجُوزُ، لأَنَّهُ يدخُلَهُ التفَاضُلُ بينَ التَّمرِ، وقد بيَنَ مَالِكٌ وَجْة فَسَادِ هذِه المَسْأَلةِ في المُوطَّأ بِمَا أَغْنَى عَنْ تَفْسِيرِه ههُنا.

قَوْلُ مَالِكٍ فِي الفَاكِهةِ التي تَيْبَسُ وتُنخَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بَعضُها بِبَعضٍ إذا كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، إلَّا يَدأ بِيَدٍ، ومِثْلاً بِمِثْل، وهذا مِنْ قَوْلهِ يَدُلُّ على أَنَّها إذا كَانَتْ رَطْبَةً قَبْلَ أَنْ تَيْبَسَ أَنَّها تُبَاعُ مِثْلاً بِمِثْلٍ، كَيْلاً بِكَيْلٍ.

وقد قالَ مَالِكٌ في كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنَ المُدَوَّنَةِ: أَنَّهُ لا بَأسَ بالرَّطْبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ (٢).

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا اخْتَلَفَتْ أَضنَاف الفَاكِهةِ اليَابِسَةِ المُدَّخَرةِ جَازَ أَنْ تُبَاعَ


(١) موطأ مالك برواية ابن بكير، الورقة (١٠٧ أ)، نسخة تركيا.
(٢) المدونة ٦/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>