قالَ ابنُ أَبي زيدِ: فإن احتَجَّ محْتَجٌّ بِمَا يُرْوَى في حَدِيثِ عُبَادَةَ: "بِيعُوا القَمحَ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُم"، قِيلَ لِمَن احْتَجَّ بهِ: إنَّمَا هذا فُتْيا مِنْ نَاقِلِ الحَدِيثِ، ولَيْسَ هُوَ بِثَابِتٍ، وهذا السُّلْتُ مُفْرَدٌ باسْمِهِ، وقَد حَكَمَ لَهُ بِحُكمِ البُرِّ مَنْ يُخَالِفُنَا في الشَّعِيرِ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ البُرِّ والشَّعِيرِ كَحُكْمِ البُرِّ والسُّلْتِ، وهذا مَا لَا خِلاَفُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ المَدِينةِ، أَنَّ البُرَّ والشَعِيرَ صِنْفٌ وَاحِدٌ.
* قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ فَوَجَدَ في الدَّرَاهِمِ درهماً زَائِفَاً فَرَدَّهُ على الصرَافِ أَنَّهُ يَنتقِضُ الصَّرفُ بَيْنَهُمَا، إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لأَنَّهُ جَعَلَهُ مِنَ الصرفِ المُتَأخِّر بعضَهُ.
وقالَ ابنُ عبدِ الحَكَمِ: إذا كَانَ الصّرفُ جَمْلَةَ دَنَانِيرَ فَوَجَدَ في الدَّرَاهِمِ زِيُوفَاً، أَنَّهُ يُنتقَصُ مِنْ ذَلِكَ الصرفِ دِينَارٌ وَاحِدٌ إذا كَانَت الزيُوفُ قَدرَ مَا يَقَعُ مِنَ الصرفِ لَهُ دِينَارٌ، فإن كَانَت أَكْثَرَ مِنْ صرفِ دِينَارٍ وَاحِدٍ انتقِصَ مِنَ الصَّرْفِ دِينَارَانِ.
قالَ: فإنْ كَانَ قَابِضُ الدَّرَاهِم قد أَنْفَقَ الجِيَادَ مِنْها رَدَّ مِثْلها مَعَ الزِّيُوفِ، وانتقَضَ الصَّرفُ بَيْنَهُما.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: ويُرْوَى عَنِ الزهْرِيِّ أنَّهُ أَجَازَ الصَّرفَ بَيْنَهُمَا إذا أَبْدَلَ لَهُ الزِّيُوفَ التِّي رَدَّها إلى الصَّرَّافِ.
قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ رَاطَلَ ذَهباً بِذَهبٍ وكَانَ بَيْنَ الذهبينِ فَضلُ مِثْقَالٍ، فأعطَاهُ صَاحِبُهُ قِيمَتَهُ مِنَ الوَرِقِ أَو غَيْرِها أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، إنَّمَا لَمْ يُجِزْ هذا لأَنهُ يَصِيرُ فِضة وذهبا بِذَهب، وكَذَلِكَ لَو أَعطَاهُ في المِثْقَالِ الرائِدِ عَرضَا لَمْ يَجُزْ، لأَنَّهُ يَصِيرُ عَرضَاً وذَهبا بِذَهبٍ، وذَلِكَ غَيْرُ جَائز، لأَنَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " الذهبُ بالذَّهبِ مِثْلاً بمِثْلٍ"، فإذا كَانَ مَعَ أَحَد مِنَ الذَّهبَيْنِ أَو الفِضَّتَيْنِ شَيْءٌ غَيْرَهُمَا خَرَجَاَ عَنْ حَدِّ المُمَاثَلَةِ التي أَبَاحَها النييُّ - عليهِ السلَامُ - في المُرَاطَلةِ، وكَذَلِكَ إنْ رَجَحَتْ إحدَى الذَهبَيْنِ أَو الفِضَّتَيْنِ فأَرَادَ صَاحِبُ الرجحَانِ أَنْ يُحَلِّلَ صَاحِبَهُ مِنَ الرُّجحَانِ لم يَجُزْ، لأَنَّهُ يَصِيرُ ذلِكَ فِضة أَو ذَهبا بأَكْثَرَ مِنْ وَزْها فَيَصِيرُ ذَلِكَ رِبَا، وإذا تَرَاطَلَ الرَجُلانِ وكَانَ ذَهَبُ أَحَدِهِمَا أَجْوَدُ مِنَ الآجِرِ، فَجَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute