إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لأَنَّهُ إذا بَاعَهُ بالنَّقْدِ لَمْ تَلْحَقْهُ في ذَلِكَ تُهْمَة مِنْ قِبَلِ المُشْتَرِي في أَنْ يَتْرُكَ مَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الكَيْلِ لِوَجْهٍ يَنتفِعُ بهِ، لأَنَّهُ قَدْ عَجَّلَ النَّقْدَ للبَائِع، وأَمَّا إذا بَاعَهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ فَالتُهْمَةُ تَلْحَقُهُ في أَنْ يَتْرُكَ لَهُ كَيْلَ الطَّعَامِ، بِسَببِ تَأْخِيرِ النَقْدِ والكَيْلِ لَهُ زِيَادَةً ونُقْصَانَ، فَلِهذا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بالدَّيْنِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ دَيْنٍ على غَائِبٍ لأَنَّهُ مُنتظِرٌ، وذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الذي عَلَيْهِ الدَّيْنِ مُفْلِسَاً ولَا يَدْرِي ذَلِكَ المُشْتَرِي، وكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا عَلَيْهِ وإنْ كَانَ حَاضِرَاً غَيْرَ مُقَرِّ بالدَّيْنِ وإنْ كَانَتْ عَلَيْهِ بهِ بَيِّنَةٌ، لأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي هِبَةَ الدَّيْنِ، فالذي يَشْتَرِي ذَلِكَ يَشْتَرِي خُصُومَةً، ويدخُلُ على غُرَرٍ، فإذا أَقَرَّ بالدَّيْنِ فَشِرَاءُ ما عَلَيْهِ جَائِز، فإنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنَاً، بِيعَ بِعَرَضٍ نَقْداً، وإنْ كَانَ عَرَضَاً بِيعَ بالعَيْنِ والعَرَضُ المُخَالِفُ لَهُ نَقْداً، فإنْ كَانَ إلى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ، لأَنَّهُ فُسِخَ دَيْنٍ في دَيْنٍ، وإنْ كَانَ ذَهباً لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ ولَا ذَهبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute