للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنْدِيقَ الذي يُظْهِرُ الإسْلاَمَ، ويُسَرُّ الكُفْرَ، وتَشْهَدُ [بِذَلِكَ عَلَيْهِ] (١) البيِّنَةُ، فإنَّهُ يُقْتَلُ ولَا يُسْتَتَابُ، وَيكُونُ مِيرَاثُهُ للمُسْلِمِينَ فَيْئَاً إذا قالَ: إنِّي تَائِبٌ مِمَّا شُهِدَ بهِ عَلَيَّ، وهَذَا قَوْلُ ابنِ نَافِعٍ.

وقَالَ ابنُ القَاسِمِ: بلْ يَكُونُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ المُسْلِمينَ.

وقالَ ابنُ بُكَيْرٍ البَغْدَادِي (٢): قَدْ عَارَضَ مُعَارِضٌ في الزِّنْدِيقِ الذي تَأْسُرُهُ البيِّنَةُ فَيَقُولُ: إنِّي تَائِبٌ، [فَيُقْتَلُ] (٣)، فَقَالَ المُعَارِضُ: هَلْ عِنْدَكُمْ كَافِرٌ أَمْ غَيْرِ كَافِرٍ؟، فإنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا [يَرِثْهُ] (٤) وَرَثتهُ [المُسْلِمُونَ] (٥)، وإنْ كَانَ غَيْرَ كَافِرٍ فَلَا يُقْتَلُ.

قالَ ابنُ بُكَيْرٍ: فَيُقَالُ لِمَنْ قالَ هَذا: قَدْ حَكَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ابنِ وَلِيدَةِ زُمْعَةَ بأنْ أَلْحَقَهُ بِزُمْعَةَ، ثُمَّ أَمَرَ أُخْتَهُ سَوْدَةَ بنتَ زُمْعَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ لِمَا [رَأَى] (٦) مِنْ شَبَهِه بِعُتْبَةَ، فَهُوَ لِسَوْدَةَ أَخٌ في النَّسَبِ والمُوَارَثَةِ (٧)، وحُكْمُهُ في الحِجَابِ غَيْرُ حُكْمِ الأَخ، فَكَذَلِكَ الزَّنْدِيقُ حُكْمُهُ حُكْمُ الكَافِرِ في القَتْلِ، وحُكْمُهُ حُكْمُ المُسْلِمِ في المِيرَاثِ.

* قالَ أَبو المُطَرِّفٍ (٨): قَوْلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "هَلْ مِنْ مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ " [٢٧٢٨]، يَعْنِي: هُلْ كَانَ فِيكُم مِنْ أَمْرٍ غَرِيبٍ لا عَهْدَ لَكُمْ بِمِثْلِهِ.


(١) في (ق): عليه بذلك.
(٢) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي القاضي الفقيه، روى عن القاضي إسماعيل وغيره، توفي سنة (٣٠٥)، ينظر: جمهرة تراجم الفقهاء المالكية ٢/ ١٠٠٠.
(٣) في نسخة القيروان: ثم يقتل.
(٤) من (ق)، وفي الأصل: يرثونه.
(٥) من (ق)، وفي الأصل: المسلمين.
(٦) من (ق)، وفي الأصل: أرى.
(٧) هذا حديث مشهور رواه البخاري (١٩٤٨)، ومالك في الموطأ (٢٧٣٦) وغيرهما من حديث عائشة.
(٨) في (ق): ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>