وأَفْتَى أَبو عُمَرَ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ شَهْرًا.
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: وذَهَبَ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أَبي سَلَمَةَ في المُرْتَدّ أَنَّهُ يُقْتَلُ وإنْ تَابَ ورَاجَعَ الإسْلاَمَ، وجَعَلَهُ كَحَدٍّ لَزِمَهُ لا يَزَالَهُ عَنْهُ رُجُوعُهُ إلى الإسْلَامِ، لِقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ".
وقالَ سَحْنونُ: لَمْ يَخْتَلفِ الصَّحَابةُ أيَّامَ الرِّدَّةِ في قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ تَابَ مِنْ رِدَّتِهِ، ولَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا تَابَ مِنْهُم ورَاجَعَ الإسْلاَمَ، وكَفَى بِهَذا حُجَّةً على مَنْ قَالَ إنَّهُ يُقْتَلُ المُرْتَدُّ وإنْ تَابَ، واللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.
وقالَ أَبو حَنِيفَةَ: إذا ارْتَدَّتِ المَرْأَةُ لَمْ تُقْتَلْ، لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ في الجِهَادِ (١).
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: يَرُدُّ قَوْلَ أَبي حَنِيفَةَ هَذَا قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ)، وهَذا عَامٌّ فِيمَنِ ارْتَدَّ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، ولَيْسَ هُوَ فِيمَنْ غَيَّر دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الكُفْرِ بِدِينٍ سِوَاهُ مِنْ دِينِ الكُفْرِ، لأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ ضَلاَلَةٍ إلى ضَلاَلَةٍ.
(١) ينظر قول أبي حنيفة في: البحر الرائق ٥/ ١٣٩، وشرح فتح القدير ٦/ ٧٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute