للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَسْقِي بِفَضْلِ مَاءِهِ، ولَيْسَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، ولَكِنْ يُؤْمَرُ بهِ، وُيحَضُّ عَلَيْهِ.

وقالَ ابنُ القَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ، ويُجْبَرُ عَلَيْهِ، ويُؤَدِّي إليهِ في ذَلِكَ الثَّمَنَ.

* وقَالَ غَيْرُهُ: يُقْضَى عَلَتهِ بِذَلِكَ لِجَارِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ يَكُونُ عَلَيْهِ.

* قَوْلُهُ: "لَا [ضَررَ] (١) ولَا ضِرَارَ" [٢٧٥٨] مَعْنَاهُ: أَنْ لَا يَضُرَّ الإنْسَانُ بِجَارِهِ ولَا بِغَيْرِهِ، والضِّرَارُ: هُوَ أَنْ يَفْعَلَ الإنْسَانُ شَيْئًا يَضُرُّ مِنْهُ بِنَفْسِهِ وبِغَيْرِهِ، فَكُلُّ مَنْ فَعَلَ مَا يَسْتَضِرُّ بهِ جَارُهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ.

* قَوْلُهُ: "لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبةً يَغْرِزُهَا في جِدَارِهِ" [٢٧٥٩] إنَّمَا هَذا مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على طَرِيقِ الرِّفْقِ بالجَارِ لَا على الإلْزَامِ، ولِذَلِكَ كَانَ الصَّحَابةُ يَعْرِضُونَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ إذْ كَانَ يُحَدِّثُهُم بِهَذا الحَدِيثِ، ولَوْ كَانَ عِنْدَهُم على الإلْزَامِ مَا أَعْرَضُوا عَنْهُ، فَالأحَادِيثُ الوَارِدَةُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هيَ علَى حَسَبِ مَا تَلَقَّاهَا أَصْحَابُهُ عَنْهُ لا على ظَوَاهِرِهَا.

قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: لَيْسَ العَمَلُ على إجْرَاءِ مَمَرِّ الخَلِيجِ في أَرْضِ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ بِغَيْرِ رِضَاهُ، ولَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِمَالِ أَخِيهِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَاهُ.

* ومَعْنَى قَوْلهِ: (نَشْرَبُ بهِ أَوَلًا وَآخِرًا) [٢٧٦٠] يَعْنِي: تَسْقِي بهِ أَرْضَكَ مَتَى شِئْتَ، لأَنَّهُ سَائِرٌ في أَرْضِكَ.

* قالَ عِيسَى: وأَمَّا حُكْمُهُ في تَحْوِيلِ الرَّبِيع الذي كَانَ في حَائِطِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ إلى نَاحِيةٍ أُخْرَى مِنَ الحَائِطِ، فإنَّهُ لَمْ يَكُنْ على عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ في ذَلِكَ ضَرَرٌ [٢٧٦١].

والرَّبِيعُ: السَّاقِيَةُ التي يَجْرِي فِيهَا المَاءُ.

قالَ عِيسَى: وأَمَّا مَالِكٌ فَلَا يَرَى تَحْوِيلَهُ عَنْ مَوْضِعِه إلى غَيْرِه وإنْ لَمْ يَضُرَّ


(١) في الأصل: ضرار، وهو خطأ ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>