للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَبْدِ مُدَّةَ بَاقِي عُمُرِهِ، فتؤْخُذُ قِيمَتُهَا ثَلاَثُونَ دِينَارًا، ثُمَّ يُقَالُ: مَا قِيمَةُ العَبْدِ، فتؤْخَذُ قِيمَتُهُ عُشْرُونَ دِينَارًا، فَيأْخُذُ المُوصَى لَهُ بالثُلُثِ مِنْ أُجْرَةِ العَبْدِ أَو مِنْ خِدْمَتِهِ الخَمْسِينَ، ويَأْخُذُ الذي أَوْصَى لَهُ بالخِدْمَةِ مِنْ ذَلِكَ الثَّلاَثةَ الأَخْمَاسِ، فإذا مَاتَ المُوصَى لَهُ بالعَبْدِ خَرَجَ العَبْدُ حُرًّا بِمَوْتهِ.

* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا مُنِعَتِ الحَامِلُ إذا دَنَا وِلاَدُهَا مِنْ أَنْ تُوصِي بأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا مَرِيضَة في تِلْكَ الحَالِ، قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف: ١٨٩] [٢٨٢٨]، يَعْنِي: لَمَّا أُثْقِلَتْ بِحَمْلِ الوَلَدِ [صَارَتْ] (١) مَرِيضَةً، وهذا حُكْمُ كُلِّ مَرِيضٍ أَنْ لَا يُوصِي بأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ وَرَثتهُ، وإذا كَانَ الإنْسَانُ صَحِيحًا جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ في مَالِهِ مَا شَاءَ، إلَّا المَرْأةَ ذَاتَ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهَا -وإن كَانَتْ صَحِيحَةً- أَنْ تَهِبَ مِنْ مَالِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، وذَلِكَ أَنَّ زَوْجَهَا إنَّمَا تَزَوَّجَها، ورَفَعَ في صُدَاقِهَا لِمَالِهَا، فإذا زَادَتْ في هِبَتِهَا على الثُلُثِ رَدَّ الزَّوجُ جَمِيعَهُ، لأَنَّهَا قَصَدتْ بهِ الضَّرَرَ، وقَدْ قِيلَ: يُنْفَذُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ الثُلُثِ، ويَرُدُّ الزَّوْجُ مَا زَادَ على ذَلِكَ.

وقَالَ قتَادَةُ في تَفْسِيرِ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠]، قالَ: (نُسِخَ مِنْها الوَالِدَيْنِ، وبَقِيَ الأَقْرَبُونَ مِمَّنْ لَا يَرِثُ) (٢).

فَمُبَاحٌ للرَّجُلِ أَنْ يُوصِي لِقَرَابَتِهِ الذينَ لا يَرِثُونَهُ في حَالِ وَصِيَّتِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ وَصِيَّتهِ.

وقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: (مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَبيرُ مَالٍ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ) (٣).


(١) جاء في الأصل: وصارت، بإضافة واو، وهو خطأ، وما وضعته هو المناسب للسياق.
(٢) رواه عبد الرزاق في التفسير ١/ ٦٨ عن معمر عن قتادة به، وعنه الطبري في تفسيره ٢/ ١١٨.
(٣) رواه عبد الرزاق في التفسير ١/ ٦٨ عن معمر عن هشام عن أبيه عن علي - رضي الله عنه -، ورواه من طريقه: الطبري في التفسير ٢/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>