للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدِهِ، فَمَا نَبَتَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ بَيْنَ المُسَاقَيْنِ على حَسَبِ شَرْطِهِمَا في المُسَاقَاةِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: وأَجَلُّ ذَلِكَ أنْ يُلْغِى البَيَاضَ اليَسِيرَ في المُسَاقَاةِ للعَامِلِ، وَيزْرَعَهُ لِنَفْسِهِ، فَمَا نَبَتَ فِيهِ مِنْ شَيءٍ كَان لَهُ، وقَدْرُ البَيَاضِ اليَسِيرِ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الثُّلُثِ مِنَ السَّوادِ فَدُونَ (١).

قالَ مَالِكٌ: وكَانَ بَيَاضُ خَيْبَرَ يَسِيرًا بَيْنَ أَضْعَافِ سَوَادِهَا (٢).

قالَ غَيْرُهُ: فَكَانَ اليَهُودُ يَزْرَعُونَ ذَلِكَ البَيَاضَ، ويُؤْخَذُ مِنْهُم شَطْرَ مَا يَنْبُتُ فِيهِ.

قالَ عِيسَى: إذا اشْتَرَطَ أَحَدُ المُسَاقِينَ على صَاحِبهِ زِيَادَةً يُزَادَهَا عَلَيْهِ، أَو اشْتَرَطَ الدَّاخِلَ لِنَفْسِهِ بَيَاضًا لَيْسَ هُوَ تَبَعًا في المُسَاقَاةِ، أَو اشْتَرَطَ رَبُّ المَالِ أَنْ يَزْرَعَ في البَيَاضِ، أَو اشْتَرَطَ العَامِلُ أَنَّ البَذْرَ الذي يَزْرَعُهُ في البَيَاضِ على رَبِّ المَالِ، أو اشْتَرَطَ العَامِلُ على رَبِّ المَالِ نَفَقَةَ الرَّقِيقِ أَو نَفَقَةَ بَعْضِهِمْ، أو اشْتَرَطَ العَامِلُ على رَبِّ المَالِ رَقِيقًا لَيسُوا في المَالِ حِينَ عَقَدَا فِيهِ المُسَاقَاةِ، فإنَّ هَذا كُلَّهَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ عَمِلَ العَامِلُ على هَذِه الوُجُوهِ، أَو على شَيءٍ مِنْهَا فإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِه، وَيتَرَادَّانِ الفَضْلَ، يُرِيدُ يُسْقِطَانِ الزِّيَادَةَ فِيمَا بَيْنَهُمَا (٣).

* قَوْلُ مَالِكٍ: لا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسَاقٍ أَو مُقَارِضٍ أَنْ يَسْتَثْنِي مِنَ المَالِ، ولَا مِنَ النَّخْلِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبهِ [٢٦٠١].

[قالَ] عَبْدُ الرَّحمَنِ: تَفْسِيرُ هَذا هُوَ أَنْ يَقُولَ رَبُّ المَالِ للعَامِلِ: هَذِه عَشَرَةُ دَنَانِيرَ اتَّجِرْ لِي بِهَا خَاصَّةً على أَنْ أَدْفَعَ إليكَ مَالًا قِرَاضًا تَتَّجرُ بهِ ويَكُونُ رِبْحُهُ بَيْنِي وبَيْنَكَ على وَجْهِ كَذَا وكَذَا، ويَقُولُ لَهُ رَبُّ الحَائِطِ: أَدْفَعُ إليكَ هَذا الحَائِطَ مُسَاقَاةً على جُزْءِ كَذَا وكَذَا على أَنْ تَحْفَرَ لِي هَذِه الأُصُولَ، وثُوَيْرُهَا ونُجْوُهَا لِي خَاصَّةً، فَهَذا لَا يَجُوزُ، لأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ على أَنْ يَتَجِرَ لهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَو يَعْمَلَ لَهُ


(١) نقل قول ابن القاسم: ابن عبد البر في التمهيد ٦/ ٤٧٤.
(٢) نقله ابن عبد البر في التمهيد في الموضع السابق.
(٣) نقل قول عيسى بن دينار: ابن مزين في تفسيره، رقم (١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>