للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصَيِّرُوا إليهِ الخِلَافَةَ، فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ دَخَلَ في إحْرَامِهِ، وَرَأَهُمْ أَنَّهُ في عَمَل مِنْ أَعْمَالِ الآخِرَةِ، لِكَي يَسْلَمَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ.

وأَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على أنَّ مَنْ اهَلَّ بِحَج أو عُمْرَةٍ مِنْ قَبْلِ مِيقَاتِهِ أنَّهُ يَلْزَمُهُ الإحْرَامُ.

قُلْتُ لَهُ: فَحَدِيثُ المُعَافَى بنِ عِمْرَانَ، [عن أَفْلَحِ بنِ حُمَيْدِ]، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا قَالَتْ: "وَقَّتَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ" (١)، فقالَ لِي: الصَّحِيحُ في هَذا تَوْقِيتُ عُمَرَ لأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتِ عِرْقٍ، في إيَّامِهِ افْتُتِحَ العِرَاقُ (٢).

قالَ مَالِكٌ: مَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ مِمَّنْ يُرِيدُ الحَجَّ أَو العُمْرَةَ رَجَعِ إليهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَأَحْرَمَ مِنْهُ، وإنْ بَعُدَ وَخَشِيَ فَوَاتَ الحَجِّ أَهَلَّ مِنْ مَكَانِهِ، وكَان عَلَيْهِ دَمٌ لِمُجَاوَزَتهِ مِيقَاتِهِ غَيْرِ مُحْرِمٍ.

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا اعْتَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الجِعْرَانَةِ عَامَ الفَتْحِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ حُنَيْنٍ لِكَيْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا، فأحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنَ الجِعْرَانَةِ، وَهِيَ في الِحلِّ قَرِيبٌ مِنَ الحَرَمِ، وَكَانَ هَذا قَبْلَ فَرْضِ الحجِّ [١١٩٠].

* ومِنْ هَذا الحَدِيثِ قَالَ العُلَمَاءُ: إنَّهُ لا يَعْتَمِرُ أَحَدٌ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، وَقَدْ أَمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ حِينَ اعْتَمَرتْ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَكَةَ إلى الحِلِّ فتَهِلَّ مِنْهُ بِعُمْرَة [١١٤٧] لِكَي تَجْمَعَ في عُمْرَتها بَيْنَ حِلٍّ وَحَرَمٍ.


(١) رواه أبو داود (١٧٣٩) بإسناده إلى المعافى به، وما كان ما بين معقوفتين من مصادر تخريج الحديث.
(٢) نقله ابن عبد البر في الإستذكار ٤/ ٢٤٣، ورد عليه بقوله: هذه غفلة من قائل هذا القول، بل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق بالعقيق، كما وقت لأهل الشام الجحفة، والشام كلها يومئذ ذات كفر كما كانت العراق يومئذ ذات كفر، فوقت لأهل النواحي لأنه علم أنه سيفتح الله على أمته الشام والعراق وغيرها من البلدان ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>