* قَوْلُ عُبَيْدِ بنِ جُرَيْجٍ لإبنِ عُمَرَ:(رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا، ثُمَّ ذَكَرَ القِصَّةَ إلى آخِرِهَا، لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أصْحَابكَ يَصْنَعُهَا، فَقَالَ: مَا هِيَ يا ابنَ جُرَيْجٍ؟ قالَ: رَأيْتُكَ لا تمَسَّ مِنَ الأَرْكَانِ إلَّا اليَمَانِيّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النّعَالَ السَّبْتِيّةِ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبغُ بالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إذا كنتَ بمَكَةَ أَهَل النَّاسُ إذا رَأَوُا الهِلَالَ وَلَمْ تَهِل أَنْتَ حَتى كَانَ يَوْمُ التَّروِيةِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: أمَّا الأَرْكَانُ فَإنّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يمَسَّ إلَّا اليَمَانِيّينِ)[١١٩٥] , يَعْنِي: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمَسَّ مِنْ أَرْكَانِ البَيْتِ في طَوَافِهِ إلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، يَعْنِي الرُّكْنَ الذي فِيهِ الحَجَرُ الأَسْوَدُ، والرُّكْنُ الذي يَتَّصِلُ بهِ مِنْ نَاحِيةِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَهُمَا الرُّكْنَانُ اليَمَانِيَّانِ، وإنَّمَا قِيلَ لَهُمَا اليَمَانِيَّيْنِ لأَنَّهُمَا مِنْ نَاحِيةِ اليَمَنِ.
وقَوْلُهُ:(وأَما النّعَالُ السَّبْتِيَّةُ)، يَعْنِي: المَحْلُوقَةَ الشَّعَرِ، (فإني رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُهَا حِينَ يَتَوضَّأُ وَالبَلَلُ بِرِجْلَيْهِ).
(وأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْبَغُ بِهَا ثِيَابَهُ لا شَعْرَهُ)، لأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الشَّيْبِ إلى أَنْ يَحْتَاجَ أَنْ يُغَيِّرَ شَيْبَهُ بِصُفْرَةٍ.
وَقَوْلُهُ:(وأَمَّا الإهْلَالُ، فإني لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَهِلّ حَتَّى تَنْبَعَثَ بهِ رَاحِلَتَهُ)، يُرِيدُ: أَنَّهُ إنَّمَا أَهَلَّ بالحَجِّ حِينَ شَرَعَ في عَمَلِ الحَجِّ وتَوَجَّهَ إليهِ، فَكَذَلِكَ أَفْعَلُ أَنَا إذا كَانَ وَقْتَ خُرُوجِي مِنْ مَكَّةَ لِعَمَلِ الحَجِّ أَهْلَلْتُ بهِ.