للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِفِعْلِ عُمَرَ بنِ الخَطَّاب في نَزْعِهِ القِرْدَانَ عَنْ بَعِيرِهِ [١٣٠٩] , مِنْ أَجْلِ أَنَ القِرْدَانَ مِنْ ذوَاتِ الإبلِ، كَمَا أَنَّ القَمْلَ مِنْ ذَوَاتِ بَنِي آدَمَ، فَكَمَا لا يَطْرَحُ الرَّجُلَ القَمْلَ عَنْ نَفْسِهِ كَذَلِكَ لا يَنْزِعُ القِرْدَانَ عَنْ بَعِيرِهِ، وقَدْ كَانَ ابنُ عُمَرَ لا يَنْزِعُ قِرَادًا عَنْ بَعِيرِهِ، ولَا حَلَمَةً (١)، فَبِهَذا أَخَذَ مَالِكٌ.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَجْهُ كَرَاهِيةِ مَالِكٍ للمُحْرِمِ أنْ يَنْظُرَ في المِرْآةِ لئَلاَّ يَرَى في وَجْهِه شَيْئًا فَيُغَيِّرُهُ، أَو يَنْتِفَ شَعْرًا مِنْ لِحْيتِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا للفِدْيَةِ.

وأَمَّا إذا انْكَسَرَ لَهُ ظُفْرٌ فإنَّهُ يَقْطَعُهُ ولَا شَيءَ عَلَيْهِ في قَطْعِهِ، مِنْ أَجْلِ أنَّهُ كَانَ يَتَأذَّى بِتَرْكِهِ لَهُ وَهُوَ مَكْسُورٌ.

ورَخَّصَ لَهُ في أَنْ يَدْهِنَ سَاقَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بالبَانِ غَيْرِ المُطَيَّبِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ زَيْتٌ مَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ الطِّيبُ، فإذا طُيِّبَ ذَلِكَ الزَّيْتُ لَمْ يَدْهِنْ بهِ المُحْرِمُ، فإنْ فَعَلَ وأَكْثَرَ مِنْهُ كَانَتْ عَلَيْهِ الفِدْيَةُ التي تَلْزَمُ مَنْ أَمَاطَ عَنْهُ الأَذَى (٢).

قالَ ابنُ أَبي زيدٍ: لَمَّا لَمْ يَأْتِ عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولَا عَنْ سَلَفِ الأُمَّةِ أَنَّ أَحَدًا صلَّى عَنْ أَحَدٍ حَيٍّ أَو مَيِّتٍ كَانَ الحَجّ عَنِ المَيتِ أَو الحَيِّ ضَعِيفًا، إذْ فِيهِ صَلَاةٌ وعَمَلُ بَدَنٍ، لَا سيِمَا حَجَّةُ الفَرِيضَةِ (٣).

* وحَدِيثُ الخَثْعَمِيَّةِ لَيْسَ بأَصْلٍ في هَذا، لأَنَّ أَبَاهَا لَمْ تَكُن الفَرِيضَةُ عَلَيْهِ قَطّ، لِقَوْلهَا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- في الحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شيْخًا كَبيرًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ علَى الرَّاحِلَةِ" [١٣١٧] , ووَجْة آخَرُ يَحْتَمِلُ سُؤَالُهَا عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا، وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بنُ زيدٍ، [عَنْ أيوبَ] (٤)، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، عَنِ ابنِ عبَّاس: "أَنَّ امْرَأةً سَأَلتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) حلمة -بفتحتين- هي الصغيرة من القردان أو الكبيرة، ينظر: المعجم الوسيط ١/ ١٩٥.
(٢) نقله ابن عبد البر في الإستذكار ٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩.
(٣) ينظر: التمهيد ٩/ ١٢٤، والإستذكار ٤/ ٤١٢.
(٤) زيادة لابد منها من مصادر تخريج الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>