للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ مَالِكٌ: مَنْ وَطِءَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَقَدْ أَفَسَدَ حَجَّهُ.

وقَالَ ابنُ أَبي حَازِمٍ (١): رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ هَذا القَوْلِ.

يُرِيدُ: أنَّهُ إذا وَقَفَ بِعَرَفةَ ثم وَقَعَ وَطْئُهُ بَعْدَ الوُقُوفِ وقَبْلَ رَمْيهِ جَمْرَةَ العَقَبةِ يَوْمَ النَّحْرِ أنَّهُ يَجْبِرُ حَجَّهُ بالعُمْرَةِ والهَدِي، وهَذه قَوْلَةٌ شَاذَّةٌ عَنْ مَالِكٍ، لَم يَقُلْهَا أَحَا مِنْ أَصْحَابهِ عَنْهُ، بلْ قَالُوا عَنْهُ: إنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ علَى نحْوِ مَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنْ يَقَعَ وَطْئُهُ إيَّاهَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ (٢).

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مَنْ فَاتَهُ الوُقُوفُ بعَرَفَةَ مَعِ النَّاسِ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَجْعَلَ عَمَلَهُ في عُمْرَةٍ [١٤٢٨] , لأَنَّهُ قَدْ فَاتهُ الحَجُّ، [إذ] (٣) لَمْ يَقِفْ مَعَ النَّاسِ، ولَا وَقَفَ بِهَا حَتَّى فَاتَهُ الوُقُوفُ بِطُلُوعِ الفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، وذَلِكَ أَنَّ الوُقُوفَ بِعَرَفَةَ فَرِيضَةٌ، وكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ ويَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ المُحْرِمَ لا يَحِلُّهُ مِنْ إحْرَامِهِ إلَّا الطَوَافُ والسَّعِي، مَا لَمْ يُصَدَّ عَنِ البَيْتِ بِعَدُوٍّ.

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: سأَلَ الأَسْوَدُ بنُ يَزِيدَ عَائِشَةَ وَهُمْ بِعَرَفةَ، فقالَ لَهَا: (يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إذا خَفِيَ هِلَالُ ذِي الحِجَّةِ عَنِ النَّاسِ فَوَقَعَ وُقُوفُهُمْ هَهُنَا في غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: حَجُّهُمْ تَامٌّ) (٤).

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ مَالِكٍ في القَارِنِ إذا فَاتَهُ الحَجُّ أَنَّهُ يَحُجُّ قَابِلًا قَارِنًا ويُهْدِي هَدْيَيْنِ، هَدْيًا لِقِرَانهِ الحَجَّ مَعَ العُمْرَةِ، وهَدْيًا لَمَا فَاتَهُ مِنَ الحَجِّ [١٤٣٠].

وقَالَ سَحْنُونُ في المُدَوَّنَةِ: إذا أَفْسَدَ القَارِنُ الحَجَّ أَنَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ هَدَايا، هَدْيا


(١) هو عبد العزيز بن أبي حازم المدنِيّ الفقيه، ثقة روى له الستة، توفي سنة (١٨٢) وقيل سنة أربع، تهذيب الكمال ١٨/ ١٢٠.
(٢) ينظر قول مالك هذا في: التمهيد ٧/ ٢٧١، والإستذكار ٤/ ٥٣٦.
(٣) جاء في الأصل: (إذا)، وما وضعته هو المناسب للسياق.
(٤) لم أجد هذا الأثر بعد بحث واسع عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>