للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا يُقْتَلُ العَبْدُ بالحُرّ عَلَى وَجْهِ الإرْتدَاعِ لَا عَلَى جِهَةِ المُمَاثَلِةِ، وقَدْ قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ)، وقَدْ يُقْتَلُ المُؤْمِنُ بالكَافِرِ إذا قتَلَهُ المُؤْمِنُ قَتْلَ غِيلَةٍ، لأَنَّ الغِيلَةَ مِنَ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ، وقَدْ أَمَرَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِقَتْلِ مَنْ سَعَى فِي الأَرْضِ فَسَادَاً، فَلِهَذا يُقْتَلُ بهِ.

* قالَ مَالِكٌ: (إذا عُفِيَ عَنِ القَاتِلِ عَمْدَاً بَعْدَ أنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ القَتْلُ ضَرَبَهُ السُّلْطَانُ مَائةً وسَجَنَهُ عَامَاً) [٣٢٦٣]، ولَا يَنْبَغِي للسُّلْطَانِ أَنْ يَعْفُو عَنْ هَذا الأَدَبِ، لأَنَّ فِي أَدَبِهِ ارْتدَاعٌ لِمَنْ هَمَّ أنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.

قالَ ابنُ نَافِعٍ: مَنْ حَبَسَ رَجُلاً لِرَجُلٍ يَتْبَعَهُ فَقتَلَهُ المُتْبَعُ، فإنْ حَبَسَهُ لَهُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ قتْلَهُ فإنَّ السُّلْطَانَ يَقْتُلُ القَاتِلَ، وُيعَاقِبُ المُمْسِكُ بِقَدْرِ مَا يَرَى مِنَ العُقُوبَةِ بهِ.

وقالَ عِيسَى: يَضْرِبُهُ مَائةً، ويَسْجِنُهُ عَامَا.

قالَ ابنُ نَافِعٍ: وإنْ أَمْسَكَهُ لَهُ وَهُوَ يَرَاهُ يَطْلُبُهُ بِسَيْفٍ أَو رُمْحٍ فَقَتَلَهُ فإنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ بهِ جَمِيعَاً، لأَنَّهُمَا تَعَاونَا عَلَى قَتْلِهِ.

[قالَ] (١) ابنُ مُزَيْنٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: وَلاَءُ المُعْتِقِ سَائبةٍ لِجَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ، هُمْ يَرِثُونَهُ، ويَعْقِلُونَ عَنْهُ (٢).

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هَذا خِلاَفُ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الدِّيةَ إنْ قتلَ، فإنْ قَتَلَ هُوَ أَحَدَاً خَطَأ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ [٣٢٧١].

ومَعْنَى قَوْلِ الرَّجُلِ لِعُمَرَ: (هُوَ إذاً كَالأَرْقَمِ إنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ، وإنْ يُقْتَلَ يَنْقَمْ)،


(١) ما بين المعقوفتين زيادة وضعتها للتوضيح.
(٢) ينظر: التمهيد ٣/ ٧٣، ومعنى سائبة هي أن يقول لعبده: أنت سائبة يريد به العتق، ولا خلاف في جوازه ولزومه، وإنما كره مالك العتق بلفظ سائبة لإستعمال الجاهلية لها في الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>