للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرُ: (مَا أَرَى بهَذا بَأْسًا)، فقَالَ عُبَادَةُ] (١): (أَحْلَلْتَهَا والله يا أَميرَ المُؤْمِنِينَ) [٣١٣٤] , إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ [عُبَادَةُ] (٢) مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اتَّقَى أَلَّا يُبَالِغَ في طَبْخِهَا، فَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا فتَصِيرُ خَمْرًا، فَلَمَّا فَهمَ عُمَرُ مَعْنَى قَوْلِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ قالَ: (اللَّهُمَّ إني لا أَحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتَهُ عَلَيْهِمْ، ولَا أُحْرِّمُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَحْلَلْتَهُ لَهُمْ)، في هَذا مِنَ الفَقْهِ: أَنْ يَتَبَرَّأُ العَالِمُ مِنْ قَوْلَةٍ يَقُولُهَا إذا اتَّقَى فِيهَا فَسَادَ النَّاسِ، وكَانَ إمَامًا يُقْتَدَى بهِ.

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنيا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا في الآخِرَةِ" [٣١٣٢] فَسَّرَهُ بَعْضُ الفُقَهَاءِ فقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْسَاهَا في الجَنَّةِ إذا دَخَلَها فَلَا تَجْرِي لَهُ عَلَى بَالٍ،

كَمَا قَدْ يَنْظُرُ إلى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ في دَرَجَةٍ عَالِيةٍ فَلَا يَحْسُدُهُ عَلَيْهَا، والجَنَةُ دَرَجَاتٌ ومَنَازِلُ، تُدْخَلُ بِرَحْمَةِ اللهِ، وتُتَبَوَّأُ مَنَازِلُهَا بِقَدْرِ أَعْمَالِ العِبَادِ (٣).

وقِيلَ أَيْضًا: أنَّ مَعْنَى هَذا الحَدِيثِ [مَعْنَى] (٤) الوَعِيدِ، وأَنَّهُ يُحْرِمُهَا في وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، ولَوْ كَانَ يُحْرَمُهَا أَبَدًا في الجَنَّةِ لَكَانَتْ عُقُوبَةَ شُرْبِ الخَمْرِ في الدّنيا تتبَعُهُ في الجَنَّةِ، وكُلُّ مَنْ دَخَلَ الجَتةَ فَقَدْ غَفَرَ اللهُ [جلَّ وعزَّ] (٥) ذُنُوبَهُ.

* * *

تَمَّ الكِتَابُ والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، يَتْلُوهُ كِتَابُ الجَامِعِ إنْ شَاءَ اللهُ

* * *


(١) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٢) من (ق).
(٣) جملة (والجنة درجات ... إلى آخرها) لا توجد في (ق).
(٤) من (ق).
(٥) من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>