للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ يَجْعَلْ عَلَى مَنْ صَادَهُ في حَرَمِ المَدِينَةِ جَزَاءً عَلَى مَنْ صَادَهُ لِعِظَمٍ الإثْمِ في ذَلِكَ، ومَنْ صَادَ في حَرَمِ المَدِينَةِ صَيْدًا لَمْ يَصِحُّ لَهُ مُلْكُهُ، ولَذِلَكَ نزَعَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ مِنْ يَدِ شُرَحْبِيلِ بنِ سَعْدٍ النَّهَسَ الذِي كَان صَادَهُ في حَرَمِ المَدِينَةِ [٣٣١٦] , والنَّهَسُ: طَيْرٌ صَغِيرٌ، فأَخَذَهُ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ مِنْ يَدِه وأَطَارَهُ، وهَكَذا يُفْعَلُ أيضًا بِمَنْ صَادَهُ في حَرَمِ مَكَّةَ صَيْدًا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ يَدِه، وُيسَرَّحُ إذْ لا يَسْتَقِرُّ مُلْكُ الصَّائِدِ عَلَيْهِ.

* قالَ عِيسَى: مَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ: (كانَ بِلَالٌ إذا أَقْلَعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتُهُ) [٣٣١٨] , يَعْنِي: كَانَ إذا أَقْلَعَتْ عَنْهُ الحُمَّى يَرْفَعُ صَوْتَهُ بإنْشَادِ الشَّعْرِ.

قالَ: (والإذْخِرُ والجَلِيلُ): شَجَرتَانِ طَيِّبَتَانِ تَكُونَانِ بأَوْدِيةِ مَكَّةَ.

(وشَامَةٌ وَطَفِيلُ): جَبلَانِ مِنْ جِبَالِ مَكَةَ، فَكَانَ بِلَالٌ يَتَمَنَّى العَوْدَةَ إلى مَكَّةَ، فَدَعَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُحَبِّبَ اللهُ إليهِ المَدِينَةَ وإلى أَصْحَابهِ كَحُبِّهِمْ مَكَّةَ وأَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ، وأَنْ يُصَحّحَهَا لَهُمْ مِنَ الوَبَاءِ، وأَنْ يَنْقُلَ حُمَّاهَا إلى أَهْلِ الجُحْفَةِ، وكَانَ أَهْلُ الجُحْفَةِ يَوْمِيِّذٍ كَافِرِينَ، فَدَعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الله -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَبْتَلِيهِم بالحُمَّى، وكَانَ دُخُولُ عَائِشَةَ عَلَى بِلَالٍ وعِيَادَتِهَا لَهُ قَبْلَ نزولِ الحِجَابِ.

* قالَ الأَخْفَشُ (١): أَنْقَابُ المَدِينَةِ هِيَ طُرُقُهَا وفِجَاجُهَا، فَعَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ يَمْنَعُونَ الطَّاعُونَ والدَّجَّالَ مِنْ دُخُولِ المَدِينَةِ [٣٣٢٠] , لِدُعَاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُصَحِّحَهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنَ البَلَاءِ والآفَاتِ، غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ تَبْقَى في آخِرِ الزَّمَانِ خَالِيَةً، ويَذْهَبُ أَهْلُهَا حَتَّى يَدْخُلَ الكَلْبُ فَيَبُولُ في المَسْجِدِ.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَطَأُ الدَّجَّالُ جَمِيعَ الأَرْضِ حَاشَا المَدِينَةَ لِمَنع المَلَائِكَةِ إيَّاهُ مِنْ دُخُولهَا، وقَدْ يدخلَالدَّجَّالُ مَكَّةَ، ورَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فيهَا في مَنَامِهِ حِينَ رَأَى عِيسَى بنَ مَرْيَمَ يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَوَصَفَهُ بِصِفَتِهِ كَمَا وَصَفَ الدَّجَّالَ بِصِفَتِهِ حِينَ رَآهُ بِمَكَّةَ.


(١) هو أحمد بن عمران بن سلامة البصري المتوفى سنة (٢٥٠)، وتقدم التعريف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>