للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْمَنِ بنُ أُمَيَّةَ فِيمَا كَانُوا قَدْ ظَهَرُوا مِنْ مَذْهَبِ ابنِ مَسَرَّةَ (١)، وعَهِدَ حِينَئِذٍ إلى النَّاسِ أَلَّا يَتَّخِذُوا مِنْهُم إمَامًا، ولَا مُؤَذِّنًا، ولَا مُؤَدِّبًا يُؤَدِّبُ الصِّبْيَانَ، ولَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا يَشْهَدُوا بهِ عِنْدَ الحَاكِمِ، وكَانَ ذَلِكَ سَنَةً ثَلَاثٍ وأَرْبَعِينَ وثَلَاثِمَائةَ.

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُهُ: "لا تَسْألُ المَرْأةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا" [٣٣٤٤] يَعْنِي: لا تَسْأَلُ المَرْأةَ زَوْجَهَا أنْ يُطَلّقَ امْرَأةً لَهُ أُخْرَى لِتَتَفَرَّدَ هِيَ بِزَوْجِهَا، وتُفْرِغَ صَحْفَةَ أُخْتِهَا مِنْ (٢) طَعَامِ زَوْجِهَا، فإنَّ سُؤَلَهَا ذَلِكَ لَيْسَ بِزَائِدٍ في رِزْقِهَا, ولَا فِيمَا قَدَّرَهُ اللهُ [جَلَّ وَعَزَّ] لَهَا، فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَضُرَّ بأُخْتِهَا, ولتَرْضَ بِقَضَاءِ اللهِ [جَلَّ وَعَزَّ] فإنَّ ضرَرَها بِهَا لَيْسَ بِنَافِعِهَا شَيْئًا.

قَوْلُهُ: "لا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" [٣٥٣٤] , قالَ الأَخْفَشُ: الجَدُّ الحَظُ والبَخْتُ، وكَانُوا في الجَاهِلِيّهِ يَقُولُونَ: إنَّمَا يُرْزَقُ الإنْسَانُ بِجَدِّهِ، يُرِيدُونَ بِبَخْتِهِ، فَرَدَّ النبيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْلَهُمْ هَذا، وقالَ: إنَّمَا هُوَ رِزْقُ اللهِ [جَلَّ وَعَزَّ] لَيْسَ يُرْزَقُ أَحَدٌ بِجَدٍ، ولَكِنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- يُعْطِي ويَمْنَعُ.

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُهُ: "الحَمْدُ لله الذِي خَلَقَ كُل شَيءً كمَا يَنْبَغِي الذي لا يُعْجِلُ شَيءٌ أَنَاهُ وقَدَرَهُ" [٣٣٤٦] (٣)، قالَ الأَخْفَشُ: أَنَا الشَّيءِ وَقْتُهُ وبُلُوغُهُ،


(١) ابن مسرة هو وهب بن مسرة بن مفرج أبو الحزم التميمي الأندلسي المالكي الحافظ صاحب التصانيف، كان فقيهًا محدثا مع ورع وتقوى، ولكنه كان يقول بالقدر، ونقل عنه أيضًا أنه كان يقول: ليست الجنة التي خرج منها أبونا آدم بجنة الخلد، بل جنة في الأرض، توفي سنة (٣٤٦)، ينظر: السير ١٥/ ٥٥٦. أما أمير المؤمنين فهو الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل المرواني الأندلسي، باني مدينة الزهراء، دامت دولته خمسين سنة، وكان صاحب فتوحات كثيرة، توفي سنة (٣٥٠)، السير ١٥/ ٥٦٢.
(٢) من هنا تبدا نسخة القيروان في هذا الموضع، وهذه النسخة هي التي رمزت لها بحرف (ق).
(٣) قال القاضي عياض في مشارق الأنوار ١/ ١٢٦: ورواه القنازعي بضم يعجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>