للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدِيقِهِ فَلَمْ يُحْسِنْ ضِيَافتَهُ: إنَّ فُلاَناً قَصَّرَ في أَمْرِي، فأبيحَ لَهُ القَوْلُ فِيهِ ومَلاَمَتِهِ (١).

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] (٢): في حَدِيثِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ حِينَ بَعَثَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في جُمْلَةِ السَّرِيَّةِ الَّتي وَجَّهَهَا قِبَلِ السَّاحِلِ، مِنَ الفِقْهِ: مُوَاسَاةُ النَّاسِ بَعْضَهُمْ بَعْضَاً عِنْدَ عَدَمِ الأَقْوَاتِ، ونَظَرُ الإمَامِ في ذَلِكَ، وفِيهِ إبَاحَةُ أَكْلِ مَا رَمَى بهِ البَحْرُ مَيْتَاً مِنْ دَوَابِّهِ.

وقَالَ أَبو عُمَرَ: لَمْ يَأْكُلُوا ذَلِكَ الحُوتَ المَيَّتَ عَلَى وَجْهِ مَا تُؤْكَلُ عَلَيْهِ المَيْتَةُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إليهَا، وذَلِكَ أَنَّهُمْ أَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ الحُوتِ أيَّامَاً يَأْكُلُونَ مِنْهُ، والمُضْطَرُّ إلى المَيْتَةِ إنَّمَا يأْكُلُ مِنْهَا ثُمَّ يَنتقِلُ عَنْهَا بطَلَبِ المُبَاحِ مِنَ القُوتِ، وقدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - في البَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ" (٣).

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - لأصْحَابهِ: "عَلَيْكُمْ بالمَاءِ القَرَاحِ"، يَعْنِي: عَلَيْكُمْ بِشُرْبِ المَاءِ الذِي لَا يُخَالِطُهُ شَرَابٌ غَيْرُهُ.

"والتقْلُ البَرِّيِّ"، يَعْنِي: البَقْلَ الذِي تُنْبِتُهُ الأَرْضُ بِغَيْرِ مَؤُنَةٍ ولَا زِرَاعَةٍ.

وقَوْلُهُ في خُبْزِ البُرِّ: "لَنْ تَقُومُوا بشُكْرِه"، يَعْنِي: لَنْ تَقُومُوا بِشُكْرِ النَّعِيمِ في الدُّنيا فَخُذُوا مِنْهَا بالقَصْدِ.

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: هَذا في شَرِيعَةِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - لا في شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، لأَنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى أَبَاحَ [لهذه] (٤) الأُمَّةِ أَكْلَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الحَلاَلِ، وقَدْ أَكَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أبي الهَيْثَمِ بنِ التَّيْهَانِ الخُبْزَ، واللَّحْمَ، وشَرِبَ الماءَ العَذْبِ، ثُمَّ


(١) ينظر: تفسير ابن سلام باختصار ابن زمنين ١/ ١٨٢، وتفسير الطبري ٦/ ٢.
(٢) جاء في الأصل: (ع) وهو اختصار لإسم المصنف، وقد أبدلته يذكره الصريح مع إضافة كلمة (قال) للتوضيح، وكذا فعلت ما سيأتي مثله بعد ذلك.
(٣) رواه أبو داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (٥٩)، وابن ماجه (٣٨٦)، من حديث أبي هريرة.
(٤) في الأصل: هذه، وما وضعته هو الذي يقتضيه السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>