للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ المِئْزَرِ، وُيجْمَعُ ذَلِكَ الماءُ في إنَاءٍ، ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى المَعِينِ، فَإنَّهُ يَبْرَأُ بإذنِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ-.

قالَ أَبو عُمَرَ: إذا اتَّهَمَ بِذَلِكَ أَحَداً وكَانَ بِذَلِكَ مَعْرُوفَاً قُضِيَ عَلَيْهِ بالوُضُوءِ كَمَا فَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

قالَ: وإنَّمَا يُسْتَرْقَى للمَرِيضِ إذا لَمْ يُعْلَمْ مَنْ أَصَابَهُ بِعَيْنِهِ، فإذَا عُرِفَ مَنْ أَصَابَهُ بهِ أُمِرَ بالوُضُوءِ.

قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاضَنَةِ ابْنَيْ جَعْفَرِ بنِ أَبي طَالِبٍ: "اسْتَرقُوا لَهُمَا، فَإنَّهُ لَوْ سَبَقَ شَيءٌ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ" يُرِيدُ: أَنَّ العَيْنَ الَّتي يَكُونُ الوَعْكُ والمَرَضُ بِسَبَبِهَا حَقٌّ، وأنْ الرُّقَى بِكِتَابِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ-

وأَسْمَائِهِ مِمَّا يُسْتَشْفَى بهِ المَعِينُ، وهَذا إذا لَمْ يُعْرَفْ مَنْ أَصَابهُ بِعَيْنِهِ، وأَمَّا إذا

عُرِفَ أُمِرَ بالوُضُوءِ، وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُثْمَانَ بنِ أَبي العَاصِي: "امْسَح الوَجَعَ سَبْعَ مَرَّاتِ، وقُلْ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ- وقُدْرَتهِ مِنْ شرّ مَا أَجِدُ" هَذا الحَدِيثُ أَصْلٌ في أَنْ لَا يَسْتَرِقِي الإنْسَانُ إلَّا بأَسْمَاءِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ- وَصِفَاتِهِ وكِتَابِهِ، وقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ ويَنْفَثُ، كَمَا يَنْفَثُ آكِلُ الزَّبِيبِ إذا رَمَى بعُجْمِهِ مِنْ فِيهِ، وهَذا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى الرَّغْبَةِ في صَحَّةِ الأَجْسَامِ، وَالإسْتِعَانة باللهِ -جَلَّ وَعَزَّ- مِنَ البَلاَءِ.

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: كَرِهَ ابنُ وَهْبٍ أَنْ يَرْقَي اليَهُودِيُّ أَو النَّصْرَانِيُّ المُسْلِمَ، وأَجَازَهُ مَالِكٌ إذا رَقَا بِكِتَابِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ-، كَمَا قالَ أَبو بَكْرٍ لليَهُودِيَّةِ الَّتي كَانَتْ تَرْقِي عَائِشَةَ، فقَالَ لَهَا: (ارْقِيهَا بِكِتَاب اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ-)، يَعْنِي: أَرْقِيهَا بِكَلاَمِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ- الذِي فِيهِ الشِّفَاءُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

" قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الذِي أَنْزَلَ الأَدْوَاءَ"، يَدُلُّ هَذا الحَدِيثُ عَلَى أَنَّ كُلَّ دَاءٍ قَدْ جَعَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- في الأَرْضِ دَوَاءَهُ، فَالتَدَاوِي مُبَاحٌ، والإسْتِرْقَاءُ مُبَاحٌ، والإكْتِوَاءُ مُبَاحٌ، وتَرْكُ ذَلِكَ كُلُّهُ مُبَاحٌ لِمَنْ تَرَكَهُ واسْتَسْلَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>