للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْوَالِ الإنْسَانِ، والتُّؤَدَةَ -أَعنِي التَّأَنِّي في الأُمُورِ- وتَرْكَ العَجَلَةِ، وحُسْنَ السَّمْتِ، يَزِيدُ الوَقَارَ، والسَّكِينَةَ جُزْءٌ مِنْ عِشْرِينَ جُزْءَاً مِنَ النُّبُوَّةٍ، وهَذِه الأَحْوَالُ كُلُّهَا مِنْ أَخْلاَقِ الأَنْبَياءِ صَلَوَاتُ اللهِ وسَلاَمَهُ وَرَحْمَتُهُ عَلَيْهِمْ، فمَنْ كَانَت فِيهِ أَو بَعْضُهَا فَلْيَحْمَدِ اللهِ -جَلَّ وعَزَّ- عَلَيْهَا.

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ هِيَ الَّتي يُسَرُّ بِهَا مَنْ يَرَاهَا، أَو مَنْ تُرَى لَهُ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءَاً مِنَ النُّبُوَّةِ، وذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَمْرِ النُبُوَّةِ هُوَ أَنْ يُخْبَرَ صَاحِبُهَا بأُمُورٍ رَغَائِبةٍ فَتَقَعُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ، ولذَلِكَ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "ليس يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبوَّةِ إلَّا المُبَشِّرَاتِ"، يَعْنِي: الرؤيَا الصَّادِقَةَ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالح.

قالَ أَبو عُمَرَ: فأَمَّا الحُلْمُ فإنَّهُ الفَظِيعُ مِنَ الأَحْلاَمِ، يُرِيهِ الشَّيطَانُ الرَّجُلَ المُؤْمِنَ لِيُحْزِنْهَ بذَلِكَ، فَمَنْ رأَى مِثْلَ هَذهِ الرؤيَا اسْتَعَاذَ باللهِ -جَلَّ وَعَزَّ- إذا انْتبهَ مِنْ نَوْمهِ مِنْ شَرِّهَا، وتَفَلَ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثاً، فإنَّهَا لَا تَضُرُّهُ، وبهَذا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ رَأَى رُؤيَا يَكْرَهُهَا أنْ يَفْعَلَ.

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُهُ: "مَنْ لَعِبَ بالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَا الله -جَلَّ وَعَزَّ- وَرَسُولُه - صلى الله عليه وسلم - " إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لأَنَّهُ لَعِبٌ يُلْهِي عَنْ ذَكْرِ اللهِ تَعَالَى.

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: سَأَلتْ [ابنَ أَبِي] (١) زَيْدٍ عَنْ صِفَةِ النَّرْدِ، فَلَمْ يَعْرِفْ صِفتَهُ، وقالَ لِي: هُوَ لَعِبٌ لَا يَكُونُ أَبَداً إلَّا بِقِمَارٍ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ كَمَا كَرِهَ الشِّطْرَنج، ولَيْسَ الإشْتِغَالُ بِهَذا والانْبِهَارُ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الأَبْرَارِ (٢).


(١) زيادة لابد منها، وجاء في الأصل: أبا زيد، وهو خطأ فيما أراه، وليس هو بأبي زيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى الفقيه؛ لأن أبا محمد لم يدركه، فقد كانت وفاة أبي زيد سنة (٢٥٦)، بينما كانت ولادته أبي محمد سنة (٢٨٣)، وينظر: تاريخ علماء الأندلس ١/ ٢٩٥.
(٢) ينظر كراهية مالك في التمهيد ١٣/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>