للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستقراء ستكون ظنية (١)

إمكانية وجود الاستقراء التام:

يرى البعض أنه من العسير الوصول إلما استقراء تام لأن استقراء الأفراد مهما كان شاملًا ومستوعبًا فإنه لا يمتد خارج نطاقا الأفراد الموجودة فعلا، أما الأفراد الممكنة الوجود، أي التي لم توجد بعد ويحتمل وجودها في المستقبل، فإنها غير مشمولة يهذا الاستقراء، ووجودها يؤدي إلى خروج الاستقراء عن كونه تامّا (٢). كما أن شمول الاستقراء الكامل محدود زمانًا باللحظات التي تَمَّ فيها الاستقراء، ولا يمتد إلى الأوقات الأخرى التي يمكن أن يتغير فيها الحكم على الأفراد تبعًا لتغيَر حالاتها. وإذا أردنا أن نحكم بثبوت هذا الحكم ونقطع به فإننا نحتاج في ذلك إلى استقراء آخر لكل فرد من الأفراد المستقرأة في جميع أوقات وجوده لنتأكد من عدم تغير حكمه بتغير الزمن، وهو أمر عسير وقد يؤدي إلى توقف عملية الاستقراء.

نقد الاستقراء التام:

فضلًا عن التشكيك في إمكانية وقوع الاستقراء التام، فقد انتُقِدَ بكونه استقراءً شكليا، لا يقصد منه سوى زيادة عدد إلى عدد، وتركيب لشيء فوق الشيء، ليسهل اقعبير عنها جميعًا. فنحن لا نضيف بهذا النوع من الاستقراء علمًا جديدًا إلى معلوماتنا، وإنما الأمر لا يعدو تجميع الجزئيات المستقرأة، والتعبير عنها جميعًا بكلمة واحدة. وعلى الرغم من أنه يعطينا صورة استدلالية، إلَّا أنها لا تعطينا القدرة على التنبؤ بما يقع في المستقبل من حوادث وعلاقات، وتلك في الأصل هي الغاية من الاستقراء. (٣)

فالاستقراء التام لا تفيد نتيجته معرفة جديدة، بل هي مجرد تلخيص لما هو


(١) انظر التهانوي: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ج ١، ص ١٧٢؛ أبو حامد الغزالي: معيار العلم في فن المنطق، ص ١٥٢.
(٢) انظر د. علي عبد المعطي محمد، ود. السيد نفادي؛ المنطق وفلسفة العلم، ص ٢٨٧.
(٣) انظر: د. محمد فتحي الشنيطي: أسس المنطق والمنهج العلمي، ص ١٢٠.

<<  <   >  >>