للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موجود في المقدمات، أو هي تقرير لما سبق تتبعه وملاحظته.

ومن هنا ذهب البعض إلى أن الاستقراء التام لا يعتبر في الحقيقة استقراء، بل هو استنباط، لأن النتيجة فيه تجيء مساوية لمقدماتها، ومن ثم ليس فيه انتقال من الخاص إلى العام. (١)

والواقع أنه مع كون نتيجة الاستقراء الكامل مساوية لمقدماتها إلَّا أن فيه نوعًا من الإنتقال من الخاص إلى العام، إذ يتم فيه الإنتقال من آحاد الأفراد والحالات المستقرأة إلى حكم يعمُّ كل تلك الأفراد، فنحن نَتَتَبَعّ صفة معيَّنة في مجموعة من الأفراد، ثم نتتبَّع تلك الأفراد في انتمائها لنوع واحد، لنستخلص من ذلك أن تلك الصفة ملازمة لجميع أفراد النوع. (٢) ولئن كانت نتيجة الاستقراء التام أقل عمومًا من نتيجة الاستقراء الناقص، إذ هي الاستقراء التام تشمل الحالات المستقرأة فقط، وفي الاستقراء الناقص تشمل الحالات المستقرأة وما هو موجود أو يمكن أن يوجد من مثيلاتها، فإن ذلك لا يخرجه عن كونه نوعًا من أنواع الاستقراء.

ويمكن القول بأن الانتقادات المشككة في جدوى الاستقراء التام، إنما تصدق على مجال المبحث في العلوم الطبيعية، وليس معنى ذلك أنه لا يفيد في ميادين العلم الأخرى، خاصة العلوم الشرعية.

فوائد الاستقراء التام:

مع ما وجه للإستقراء التام من انتقادات فإنه يحقق فوائد تتمثل في الآتي:

١ - التثبت من أن ما سبقت ملاحظته في آحاد جزئياتِ كل ما تعمّ كل جزئياته.

٢ - تحقيق الإقتصاد في التفكير بتجميع الجزئيات وإدراجها تحت قاعدة عامة، ولولا وجود الاستقراء الإحصائي لأصبحنا نعيش في فوضى الجزئيات التي لا ضابط لها ولا رابط.


(١) انظر د. علي عبد المعطي محمد، ود. السيد نفادي: المنطق وفلسفة العلم، ص ٢٨٧.
(٢) انظر: د. محمد فتحي الشنيطي: أسس المنطق والنهج العلمي، ص ١٢٠.

<<  <   >  >>