للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندهم أن يكون هو موجِبُ إعطائِها حكمًا متماثلا". (١) ومن المعلوم أن الاستقراء الذي يورده الفقهاء والأصوليون لإثبات التعليل يكون ناقصًا عادة.

٤ - وعند حديثه عن مقاصد التصرفات المالية، وأن للمال مكانة سامية في الشريعة الإِسلامية قال: "وإذا استقرينا أدلة الشريعة من القرآن والسنة الدالة على العناية بمال الأمة وثروتها، والمشيرة إلى أن به قوام أعمالها وقضاء نوائبها، نجد من ذلك أدلة كثيرة تفيدنا كثرتها يقينًا بأن للمال في نظر الشريعة حظًا لا يُستهان به". (٢)

٥ - وعند حديثه عن أن من مقاصد الشارع بَثّ الحرية، والإقلال من العبودية، استقرأ مجموعةً كبيرةً من أدلة الشارع المثبتة لذللث، ثم قال: "فمن استقراء هاته التصرفات ونحوها حصل لنا العلم بأن الشريعة قاصدة بَثّ الحرية بالمعنى الأول [أي ضد العبودية] ". (٣)

٦ - وعند حديثه عن مقصد السماحة واليُسْر قال: "واستقراء الشريعة يدلّ على هذا الأصل في تشريع الإِسلام، فليس الإستدلال عليه بمجرد هذه الآية أو هذا الخبر حتى يقول معترض إن الأصول القطعية لا تثبت بالظواهر لأن أدلة هذا الأصل كثيرة منتشرة، وكثرة الظواهر تفيد القطع، ولهذا قال إمام الفقه والحديث مالك بن أنس في مواضع من الموطأ "ودين الله يسر" وحسبك بهذه الكلمة من ذلك الإمام فإنه ما قالها حتى استخلصها من استقراء الشريعة". (٤)

٧ - وعند حديثه عن المغيبات -التي جاءت بها نصوص الشرع من غير أن تكون لعقولنا قدرة على إدراك حقيقتها، ومع ذلك فاللازم تصديقها واليقين بما فيها- يُلْحِقُ بذلك بعض المسائل التعبدية التي شرعها الشارع ولم تَهْتَدِ عقولنا إلى الحكمة من تشريعها، فيقول: "ونلحق بهذا القسم أشياء اشتملت عليها الشريعة من غير عالَم الغيب لم نَهْتَدِ إلى حقيقتها، فنحن نتلقاها كما جاءت موقنين باشتمالها


(١) المصدر السابق، ص ٢٤٨.
(٢) المصدر السابق، ص ٣٢٨.
(٣) المصدر السابق، ص ٢٨٤.
(٤) محمد الطاهر بن عاشور: أصول النظام الإجتماعي في الإِسلام، ص ٢٦ - ٢٧.

<<  <   >  >>