للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقصود استقراء وجود ذلك المقصد في كل التصرفات والأحكام، كان اشتراط كون الاستقراء تامًّا في الكشف عن مقاصد الشارع ليس فقط عسير التحقيق، وإنما لا تدعو إليه ضرورة ولا حاجة.

٥ - ينبغي أن يؤخذ بعين الإعتبار كون الأحكام الشرعية كثيرة تتجاذبها مقاصد كثيرة، فليس للشارع مقصد واحد في أحكامه وتصرفاته حتى نحتاج إلى استقراء تام لإثبات وجوده في كل الجزئيات والفروع، بل هناك عشرات المقاصد، منها الكلي والجزئي، ومنها العام والخاص، وهي مقاصد تتداخل أحيانًا وتتمايز أحيانًا أخرى، فلذلك نجد الأصل فيها التكامل والتعاضد، لكنها قد تتعارض أحيانًا، فنجد الفرع يتجاذبه أكثر من مقصد. وتبقى مهمة المفتي أو المجتهد هي الترجيح، فيلحق ذلك الفرع بالمقصد الأقرب إله والأنسب له. ولا يعني ذلك الطعن في كليّةِ أو عمومِ المقصد الذي لم يُنْسَب إليه؛ إذْ وصفُ العموم والكلية هنا نسبيان لا مطلقان، أي أن المراد بالعمومِ العمومُ العادي، والكلية بمعنى الإجمال المشتمل على عدد كبير-أو غير محصور -من الفروع والجزئيات والضابط له- ولماكان تحقيق المقاصد في الواقع أمرًا متأثرًا بالظروف المحيطة قد يتغير بتغيرها، كان الفرع الواحد قد يلحق تارة بمقصد ما، ويلحق تارة أخرى بمقصد آخر.

<<  <   >  >>