للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَاءَ رَدّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ" (١) وعلة التحريم هنا ما في التصرية من تغرير بالمشتري بإظهار كون الشاة (أو الناقة أو البقرة) حَلُوباً، وهي في واقع الأمر ليس كذلك.

١١ - جواز الرّدّ بالعيب: ومن الأدلة على ذلك ما روي عن سمرة بن جندب: "أن رجلاً اشترى عبداً فاستغلّه، ثم وجد به عيباً فردّه، فقال: يا رسول الله إنه قد استغلّ غلامي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ". (٢) وعلّة جواز الردّ هنا ما كان من البائع من تغرير بالمشتري بعدم بيان العيب الذي في المبيع.

١٣ - إباحة القيام بالغبن: ويجمع ما سبق في إبطال الغرر في المعاملات حديث ابن عمر قال: "ذَكَرَ رجلٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يُخدع في البيوع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خَلاَبَةَ". (٣) وقد اختلف العلماء في جواز شرط الرّدّ بالغبن، بناءً

على اختلافهم في هذه الحادثة هل هي خاصة بهذا الصحابي، أم عامة؟ (٤)

ثالثاً - النصوص الواردة في الغرر في القرآن الكريم والسنة النبوية:

لم تَرِدْ في القرآن الكريم نصوص خاصة في حُكْم الغرر أو في حُكْم جزئية من جزئياته، بل وردت نصوص عامة تدخل تحتها جميع الأحكام الجزئية التي ذكرها الفقهاء في الغرر المنهي عنه، وهي الآيات التي تنهي عن أكل أموال الناس بالباطل، ومنها:

- قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩)} [النساء: ٢٩].

- وقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩].

والغرر بكل جزئياته وتفاصيله -من غير شكّ- داخل تحت أَكْل أموال الناس


(١) رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب (٧)، ج ٣، ص ١١٥٨، الحديث (١٥٢٤) (٢٦).
(٢) رواه ابن ماجة: سنن ابن ماجة، أبواب التجارات، باب (٤٣)، ج ٢، ص ٢٣، (٢٢٤٣).
(٣) رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب (١٢)، ج ٣، ص ١١٦، الحديث (١٥٣٣). والرجل قيل هو حبان بن منقذ، وقيل بل هو منقذ والد حبان، ومعنى لا خلابة، أي لا خديعة. انظر الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٦، ص ٢٧١.
(٤) انظر تفصيل ذلك في الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٦، ص ٢٧١ - ٢٧٢.

<<  <   >  >>