للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاجل أم لم يكن، فهو مطالب بها في كلّ الأحوال.

فانعدام الحظ في قيام المكلَّف بتحقيق هذه المقاصد راجع إلى كونه مُطَالَبًا بذلك في كلّ الأحوال، ولا مجال له لأن يتخير بين الفعل وعدمه، أو بين فعل وآخر فمن هنا صار فيها مسلوب الحظ. وليس معنى ذلك انعدام حظه بالكلية فيها، بل هي في حقيقتها كلها حظوظ ومصالح له عاجلاً أو آجلا، مباشرة أو بطريق غير مباشر وخصائص هذا النوع من المقاصد أنها "قيام بمصالح عامة مطلقة، لا تختص بحال دون حال، ولا بصورة دون صورة، ولا بوقت دون وقت". (١)

وقد قسمها الشاطبي إلى قسمين: ضرورية عينية، وضرورية كفائية.

- أما الضرورية العينية: فهي الواجبة على كلّ مكلَّف في نفسه، من كونه مأمورًا "بحفظ دينه اعتقادًا وعملا، وبحفظ نفسه قيامًا بضرورية حياته، وبحفظ عقله حفظًا لمورد الخطاب من رَبَّهِ إليه، وبحفظ نسله التفاتًا إلى بقاء عوضه في عمارة الدار ... وبحفظ ماله استعانة على إقامة تلك الأوجه الأربعة". (٢)

- وأما الضرورية الكفائية: فهي ما نيط فيها التكليف بعموم المكلفين لتتولى القيام بها والمحافظة عليها مجموعة مصطفاة منهم، وقد اعتبرت من باب الضروري لأنها مكملة للقسم الأول، وهي الضروريات العينية؛ ذلك أن الأحوال الخاصة لا تقوم إلّا باستقامة الأحوال العامة، والأحوال العامة لا تستقيم إلّا بالقيام بتلك الضروريات الكفائية. (٣)

والملاحَظُ أن هذا النوع من المقاصد يرجع إلى العبادات وما يُقام به أصل الضروريات، وهي دائرة على حُكْم الوجوب، سواء بالجزء أو بالكلّ.

٢ - المقاصد التبعية: وهي المقاصد التي رُوعِي فيها حظ المكلّف بالقصد الأول، حيث يحصل له من جهتها مقتضى ما جُبِل عليه من نيل الشهوات، والإستمتاع


(١) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ١، ج ٢، ص ١٣٤.
(٢) المصدر السابق، مج ١، ج ٢، ص ١٣٥.
(٣) انظر المصدر السابق، مج ١، ج ٢، ص ١٣٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>