للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام، فحينئذٍ إما أن يكون نفع هذه الأطيان بالطبع أو بالبركة الحاصلة فيها بمن أثر فيها أو بهما، فإن كان الأول فلا شك أن للبقاع من الأرض خواص ومنافع كالأتربة والمعادن وما يتولد فيها، إن كان الثاني فضيلة بركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشهر وأظهر من أن يحتاج إلى أدلة، وكل ذلك إن كان منهما، وبركة الإمام أحمد قد ثبتت من غير وجهٍ في حياته وبعد وفاته ... " (١).

وقال في موضع آخر: "فما ظنك بتربة هي أطيب تربة على وجه الأرض وأبركها، وقد خالطت ريق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقارنت ريقه باسم ربه وتفويض الأمر إليه، ولا يستعب الشفاء ببعض الترب المضافة إلى بعض الأنبياء والصالحين والأئمة على هذا التقدير، فقد دخل علي بعض شيوخنا ببغداد، وكان في زيارة قبر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وفي منديل الشيخ شيء مصرور، فقلت: ما هذا؟ فقال: شيء من تربة قبر الإمام أحمد، فقلت: ما يفعل به، فقال: اكتحلت به، فقلت: وهل يكتحل بالتراب؟ فقال: إني منذ سنين ما ترمد عيني إلا اكحلها بتراب قبره فتبرأ؛ وأظنه أثر مثل ذلك عن بعض شيوخه، وقد بعد عهدي

بالحكاية" (٢).

وقد أعاد نفس الحكاية في موضع آخر بعد ذكره حديث «تربة أرضنا، بريقة بعضنا، تشفي سقيمنا، بإذن ربنا» فقال: "وإذا كان قد تبرك بتراب قبر بعض صالحي أمته واستشفى به من الرمد ونحوه كما ذكرنا عن بعض مشائخنا أنه كان يستشفي من وجع عينيه بتراب قبر الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، فتراب أرض قبره فيها الأولى وأحرى أن يكون شفاء من كل داء، والله أعلم" (٣).

وما قرره جمال الدين السرمري رحمه الله من فضل التداوي بتربة قبور الصالحين لتناله بركتهم غير صحيح، ومحل التبرك الممنوع في كلام جمال الدين السرمري ليس التداوي بالتراب, وإنما


(١) شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: ١٥٦ ب - ١٥٧ أ.
(٢) شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: ٣٠٣ أ.
(٣) شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: ٢٥٨ ب.

<<  <   >  >>