للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفضيل تربة قبور الصالحين على سائر الأتربة بالتداوي, وهذا من التبرك الممنوع المخالف لمنهج أهل السنة والجماعة من عدة أوجه:

أ- أن هذا التبرك لم يرد فيه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل عن الصحابة، ولا عمن تبعهم بإحسان، وإنما فعله بعض المتأخرين من غير دليل شرعي.

ب- أن ذلك ناشئ عن اعتقاد في ذات صاحب ذلك القبر أنها سبب للنفع, ولم يجعلها الله سبباً شرعياً ولا قدرياً في هذا المسبب -الاستشفاء بها من الرمد-.

ج- أن في المنع من ذلك سداً لذريعة الغلو في قبور الصالحين.

قال العلامة حافظ الحكمي في الاستشفاء بتربة القبور: "تربة القبور وما أكثر ما يستشفى بها لا شفاهم الله، واستعمالهم لها على أنواع: فمنهم من يأخذها ويمسح بها جلده، ومنهم من يتمرغ على القبر تمرغ الدابة، ومنهم من يغتسل بها مع الماء، ومنهم من يشربها، وغير ذلك، وهذا كله ناشئ عن اعتقادهم في صاحب ذلك القبر أنه ينفع ويضر، حتى عدوا ذلك الاعتقاد فيه إلى تربته، فزعموا أنها فيها شفاء وبركة لدفنه فيها، حتى إن منهم من يعتقد في تراب بقعة لم

يدفن فيها ذلك الولي بزعمه، بل قيل له: إن جنازته قد وضعت في ذلك المكان، وهذا وغيره من تلاعب الشيطان بأهل هذه العصور، زيادة على من تلاعب بمن قبلهم، نسأل الله العافية" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما التمسح بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقبيله فكلهم -أي الفقهاء- كره ذلك ونهى عنه، وذلك لأنهم علموا ما قصده النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حسم مادة الشرك، وتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله رب العالمين" (٢).

وقد أنكر الإمام أحمد إنكاراً شديداً على من تمسح به طلباً للبركة بله بمن يتبرك بتربة قبره: "روى الخلال في أخلاق أحمد عن علي بن عبدالصمد الطيالسي قال: مسحت يدي على


(١) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول (٢/ ٤٩٨ - ٤٩٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٨٠).

<<  <   >  >>