للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي:

التوسل بغير الله من المخلوقين، وذلك بأن يدعوهم ويستغيث بهم ويطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، ولو بزعم أنهم واسطة فيما يطلبه من الله، وهذا الصورة من التوسل هي من الشرك الأكبر، لأنها دعاء لغير الله والتجاء إليه فيه المهمات، وهي من صرف العبادة لغير الله كما قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: ١١٧]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: ٥].

وفي هذا يقول جمال الدين السرمري في (منامات رؤيت لشيخ الإسلام ابن تيمية)، وهي رؤى فيها الثناء على منهج ابن تيمية في الاعتقاد، وأنه سالك طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى قدمه، وقد ذكرها السرمري في سياق فضائله، وفي ذلك إشارة لتأييد السرمري لما جاء فيها، فلو كان يعتقد السرمري مخالفة المعاني العقدية التي تضمنتها هذه الرؤى لما ذكرها في سياق شمائله، قال جمال الدين السرمري في الرؤيا الرابعة: "حدثني الشيخ الصالح شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي

بن محمد الأنصاري البعلبكي الخياط قال: رأيت في المنام في أول شوال من سنة نيف وخمسين وسبعمائة بدمشق، وقد كنت أنكرت على بعض الفقراء التوسل بغير الله من المخلوقين، وكان قال: إني كنت مريضاً فاستغثت بالشيخ فلان والشيخ فلان فلم يجبني منهم أحد، فاستغثت بالشيخ فلان والشيخ فلان وسماهم، قال: فرأيت الشيخ فلاناً وهو راكب فيلاً والشيخ الآخر وهو راكب فرساً، فقالا لي: قم، فقمت معافاً في الحال، قال: فقلت له: هذا خطأ منك، لو أنك استغثت بالله أصبت، فإن الشيخ فلاناً وغيره من المخلوقين لا يمكلون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فقال: أنت مالك اعتقاد في الفقراء؟ ! وجرى بيني وبينه في هذا الكلام، فرأيت تلك الليلة شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في النوم وهو يكلمني كلاماً خفياً، فقلت: يا سيدي الشيخ والله ما أفهم ما تقول، فقال: هل عندك لوح؟ فقلت: نعم، وأتيته به، فكتب لي في سطرين، فأخذته وجعلت أنظر فيه، فما عرفت اقرأ شيئاً منه إلا قوله: صَحِّحْ تَصِحُّ، وبقيت مفكراً فيه

<<  <   >  >>