للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان الصرصري رحمه الله، شديداً في السنة، منحرفاً عن المخالفين لها، وشعره مملوء بذكر أصول السنة ومدح أهلها، وذم مخالفيها (١)، غير أنه له أبيات في التوسل والاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنكرها العلماء، ومن ذلك قوله في النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"أنت جاري وعدّتي ونصيري وعمادي في شدتي ورخائي

فأعني على زمان فظيع الخط ... ـب في أهله شديد العناء

وأسألِ اللهَ حين تُعرض أعما ... لي عليك الغفران لي يا رجائي" (٢).

وقوله:

"نصحت له نصحاً برئياً من القذى إذا شاب قومٌ نصحهم بالعبائث

فقلتُ له إن رُمتَ أمناً وعزة ... فعُذ من عوادي النائبات الكوارث

بأفضل مبعوث إلى خير أمة ... بخير كتاب جاء من خير باعث" (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا أنكرنا على الشيخ يحيى الصرصري ما يقوله في قصائده في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الاستغاثة به مثل قوله: بك أستغيث وأستعين وأستنجد" (٤)، والله أعلم بالصواب.

ومن الألفاظ الموهمة التي وردت في كلام جمال الدين السرمري قوله في آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"عليهم سلامي ما حييت وإن أمت ... تحييهم عني عظامي من قبري

هم عدتي في شدتي وذخيرتي ... لآخرتي مصباح ديني غنى فقري" (٥).

وهذا أيضاً من الغلو في آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالعدة في الشدة، والذخيرة للآخرة ليست التوسل بذواتهم - رضي الله عنهم -، بل ظاهر هذا القول هو من قبيل قول المشركين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا


(١) وصفه بذلك ابن رجب في "الذيل على طبقات الحنابلة" (٤/ ٣٤).
(٢) ذيل مرآة الزمان (١/ ٢٥٩)، لليونيني، الطبعة الأولى ١٣٧٤، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر اباد.
(٣) ذيل مرآة الزمان (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧).
(٤) مجموع الفتاوى (١/ ٧٠).
(٥) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص ٤٤.

<<  <   >  >>