للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبين كلام السرمري ويؤيده قول العلامة ابن عبدالهادي في كتابه (الصارم المنكي في الرد على السبكي) من إهمال السبكي النظر في الحديث صحة وضعفاً، وإلزام شيخ الإسلام بما لا يلزم، فقال: "فإني وقفت على الكتاب الذي ألفه بعض قضاة الشافعية في الرد على شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد ابن تيمية في مسألة شد الرحال وإعمال المطيّ إلى القبور، وذكر أنه كان قد سمّاه (شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة) ثم زعم أنه اختار أن يسميه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) فوجدت كتابه مشتملاً على تصحيح الأحاديث المضعفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة والآثار القوية المقبولة، وتحريفها عن مواضعها، وصرفها عن ظواهرها بالتأويلات المستنكرة المردودة, ورأيت مؤلف هذا الكتاب المذكور رجلاً ممارياً معجباً برأيه متبعاً لهواه" (١).

وما قرره جمال الدين السرمري هو قول الأئمة في هذه المسألة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين فهذا لم يكن

موجوداً في الإسلام في زمن مالك، وإنما حدث هذا بعد القرون الثلاثة، قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم، فأما القرون التي أثنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن هذا ظاهراً فيها، ولكن بعدها ظهر الإفك والشرك ... " (٢).

وقال في موضع آخر: "وأما إذا كان قصده بالسفر زيارة قبر النبي دون الصلاة في مسجده فهذه المسألة فيها خلاف، فالذي عليه الأئمة وأكثر العلماء أن هذا غير مشروع، ولا مأمور به، لقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» " (٣).

وقال الشيخ سليمان بن عبدالوهاب تعليقاً على حديث: «لا تتخذوا قبري عيداً، ولا


(١) الصارم المنكي في الرد على السبكي، ص ١٣.
(٢) الجواب الباهر في زوار المقابر ص ٥٠، لابن تيمية، تحقيق: سليمان الصنيع وعبدالرحمن المعلمي، ١٤٠٤، الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والافتاء، الرياض.
(٣) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٢٦ - ٢٧).

<<  <   >  >>