للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في صفاته ولا في استوائه ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً" (١).

وقال الحافظ أبو القاسم التيمي: "وإثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية فكذلك إثبات الصفات ... وعلى هذا مضى السلف" (٢).

وقال الوليد بن مسلم: "سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات، فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف" (٣).

قال شيخ الإسلام: "فقولهم - رضي الله عنهم -: (أمروها كما جاءت) رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف) رد على الممثلة ... -إلى أن قال: - فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب موافق لقول الباقين: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة.

ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه - على ما يليق بالله - لما قالوا:

الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم.

وأيضاً: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ المعنى؛ وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.

وأيضاً: فإن من ينفي الصفات الخبرية - أو الصفات مطلقاً - لا يحتاج إلى أن يقول بلا كيف، فمن قال: إن الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف.

وأيضاً: فقولهم: أمروها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ماهي عليه، فإنها جاءت


(١) العلو للعلي الغفار ص ١٣٩، للإمام الذهبي، تحقيق: أشرف بن عبدالمقصود، الطبعة الأولى ١٩٩٥ م، مكتبة أضواء السلف، الرياض.
(٢) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة (١/ ١٦٦ - ١٦٣)، لأبي القاسم التيمي، تحقيق: محمد بن ربيع المدخلي، ١٤١٩، دار الراية، الرياض.
(٣) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٧/ ١٤٩).

<<  <   >  >>