للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما قرره الإمام جمال الدين السرمري رحمه الله هو ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.

قال ابن بطة: "وقد أجمعت العلماء لا خلاف بينهم أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بمعصية، نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء" (١).

وقال أبو الحسن الأشعري: " وأجمعوا -يعني أهل السنة- على أن المؤمن بالله تعالى وسائر ما دعاه النبي إلى الإيمان به لا يخرجه عنه شيء من المعاصي ولا يحبط إيمانه إلا الكفر، وأن العصاة من أهل القبلة مأمورين بسائر الشرائع غير خارجين عن الإيمان بمعاصيهم" (٢).

وقال الإمام الصابوني: "ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوباً كثيرة صغائر وكبائر فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله عز وجل إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة يوم القيامة سالماً غانماً غير مبتلى بالنار ولا معاقب على ما ارتكبه واكتسبه ثم استصحبه إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عفا عنه وعذبه مدة بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها، بل أعتقه وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار" (٣).

وقال شيخ الإسلام في معرض ذكره لأصول أهل السنة: "وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج، بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي ... ولا يسلبون الفاسق الملِّي الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة ... ويقولون: هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم" (٤).


(١) منهج الإمام ابن بطة في تقرير عقيدة السلف والرد على أهل الأهواء والبدع (٢/ ٦٣٩)، د. حمد بن عبدالمحسن التويجري.
(٢) رسالة إلى أهل الثغر، ص ٢٧٤.
(٣) عقيدة السلف وأصحاب الحديث، ص ٢٧٦.
(٤) مجموع الفتاوى (٣/ ١٥١ - ١٥٢).

<<  <   >  >>