للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى من أميره شيئاً فكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يُفارق الجماعة شبراً فيموت، إلا مات ميتة جاهلية» (١).

هذه بعض نصوص الكتاب والسنة الدالة على وجوب طاعة الأئمة في غير معصية الله أبراراً كانوا أو فجاراً، وتحريم الخروج عليهم.

أما الآثار عن السلف في هذا المعنى فكثيرة جداً.

فمن ذلك قول أبو إسماعيل الصابوني: "ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجرًا، ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورة فجرة، ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف" (٢).

وقال ابن بطال: "وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ... ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها" (٣).

وقال حنبل: "اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبدالله، وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا -يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك- ولا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك وقال: عليكم بالإنكار بقلوبكم ولا تخلعوا يداً من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وقال: ليس هذا بصواب، هذا خلاف الآثار" (٤).


(١) أخرجه البخاري (٩/ ٦٢)، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام مالم تكن معصية، ح ٧١٤٣؛ ومسلم (٣/ ١٤٧٨)، كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر، ح ١٨٤٩؛ واللفظ للبخاري.
(٢) عقيدة السلف وأصحاب الحديث، ص ٣٢.
(٣) فتح الباري (١٣/ ٧).
(٤) الآداب الشرعية (١/ ١٩٦).

<<  <   >  >>