للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - شهدت هذه المدة نزاعاً مذهبياً عقدياً حاداً، حيث كان في بعض ملوك التتار ميل إلى عقيدة الرافضة، ففي سنة ٧٠٧ أظهر خدابنده (١) شعار الشيعة، وحذف ذكر الشيخين من الخطبة ونقش أسماء الأئمة الاثني عشر (٢).

وفي المقابل كان سلاطين دولة المملاليك وأمرائهم يشجعون المذهب السني قولاً وعملاً ويحاربون المذهب الشيعي الباطني والعقائد الإسماعيلية التي خلفتها الدولة الفاطمية.

كما انتشر أصحاب وحدة الوجود، يدل على ذلك ما كتبه أئمة ذلك العصر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيهم: "ولولا أن أصحاب هذا القول كثروا وظهروا وانتشروا ... لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد هذه الأقوال وإيضاح هذا الضلال" (٣).

٥ - تفشت كثير من المنكرات والمعاصي بشكلٍ علني، كانتشار البغاء، والرشوة، والمخدرات وعرف الحشيش، كما انتشرت الأغاني، وآلات اللهو والطرب، وانتشرت الحيل في الأعمال، فظهر المحلل والمحلل له بشكل معلن، وقد أشار السرمري إلى ذلك بقوله: "وقد جاء الحديث عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لم تظهر الفاحشة في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولانقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا

البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم فأخذ بعض ما في أيديهم، وإذا لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتفكروا فيما أنزل الله إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم» رواه ابن ماجه في سننه (٤) -ثم علق على الحديث بقوله: - وهذه الأمور قد


(١) هو محمد بن أرغون بن أبغا بن هولاكو، خدابندا معناه بالعربي: عبدالله، وإنما الناس غيروه فقالوا: خربندا، ملك العراق وأذريبجان وخراسان بعد أخيه غازان، أظهر الرفض في بلاده سنة ٧٠٩ بعد أن كان على السنة، توفي سنة ٧١٦. انظر: الوافي بالوفيات (٢/ ١٢٩ - ١٣٠)، لصلاح الدين الصفدي، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، ١٤٢٠، دار إحياء التراث، بيروت؛ العبر في خبر من غبر (٤/ ٤٤)؛ البداية والنهاية (١٤/ ٦٣).
(٢) انظر: تاريخ العراق بين احتلالين (١/ ٤٠٧)، عباس العزاوي.
(٣) مجموع الفتاوى ٢/ ٣٥٧، جمع وترتيب: عبدالرحمن بن قاسم وابنه محمد، ١٤١٦، مجمع الملك فهد، المدينة.
(٤) تقدم تخريجه, انظر: ص ٢٢.

<<  <   >  >>