للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرت عقوباتها -كما ترى- قد وقعت، وإنا لله وإنا إليه راجعون" (١) وفي هذا إشارة لما كان في عصره من الفواحش ونقص المكيال والميزان ومنع الزكاة ونقض العهود وغير ذلك؛ ولكن ذلك لم يدم طويلاً بسبب جهود العلماء والدعاة والمصلحين (٢).

٦ - لقد مكن التتار - إبّان غزوهم البلاد الإسلامية - كثيراً من اليهود والنصارى، حتى تسلطوا على رقاب المسلمين، ولاسيما في الشام، فسارت مواكبهم تحمل الصلبان، وأُلزم المسلمون بالقيام لها واحترامها، ومن امتنع تعرض للسب والإهانة (٣)؛ وقد تمتع اليهود والنصارى في بداية عهد المماليك ببسطة العيش، فقد تولى كثير منهم مناصب الوزارة والمناصب الديوانية، وكان منهم كبار التجار والصيارفة والأطباء والصيادلة، وكانوا يلبسون أفخر الثياب.

ولم يدم ذلك، فقد مُنعوا من الركوب على الخيول والبغال ونحوها، تمييزاً لهم عن المسلمين: "ونودي بدمشق في يوم عرفة أن لا يركب أحدٌ من أهل الذمّة خيلاً ولا بغالاً، ومن رأى من المسلمين أحداً من أهل الذمّة قد خالف ذلك فله سلبُه! " (٤)، وفي جمادى الأولى عام ٧٠٠ هـ " ... في يوم الإثنين قُرئت شروط الذمّة على أهل الذمّة وألزم بها، واتفقت الكلمة على عزلهم عن الجهات، وأخذوا بالصغار، ونودي بذلك في البلد وأُلزم النصارى بالعمائم الزرق، واليهود بالصفر، والسامرة بالحمر، فحصل بذلك خيرٌ كثير، وتميزوا عن المسلمين" (٥).


(١) كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون ص ٣٧.
(٢) مقدمة تحقيق "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" (١/ ٤٠ - ٤١)، د. علي الدخيل الله.
(٣) انظر: حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة (١/ ٥٨).
(٤) انظر: البداية والنهاية (١٣/ ٤٠١).
(٥) انظر: البداية والنهاية (١٤/ ١٩).

<<  <   >  >>