للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جعلوا السواد الأعظم والحجة والجماعة هم الجمهور وجعلوهم عياراً على السنة وجعلوا السنة بدعة والمعروف منكراً لقلة أهله وتفردهم في الإعصار والأمصار وقالوا: من شذ شذ الله به في النار، وما عرف المختلفون أن الشاذ ما خالف الحق وإن كان الناس كلهم عليه إلا واحداً منهم فهم الشاذون، وقد شذ الناس كلهم زمن احمد بن حنبل إلا نفراً يسيراً فكانوا هم الجماعة،

وكانت القضاة حينئذ والمفتون والخليفة وأتباعه كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة" (١).

الحث على لزوم الجماعة وذم التفرق:

جاءت النصوص الدالة على لزوم الجماعة والتمسك بها كثيرة ومتضافرة، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: من الآية ١٠٣].

وقوله - جل جلاله -: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: من الآية ١٠٥].

وقوله - جل جلاله -: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: من الآية ١٥٣].

وقوله - عز وجل -: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: من الآية ١٣].

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس، إني قمت فيكم كمقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا فقال: «أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا


(١) إعلام الموقعين (٣/ ٣٩٨).

<<  <   >  >>