للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدث عنه ومات قبله (١)، وأجاز الخليفة العباسي المصري: المعتضد بالله (٢)، فقد جاء في كتابه (شرح اللؤلؤة) في قصة طريفة وقعت له في مجلس الخليفة، يقول: "فصل كنا عند الإمام أمير المؤمنين المعتضد بالله، الخليفة المصري العباسي بدمشق حين قدمها في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة فقرأت له جزءاً من مسموعاتي والتمسته أن يكتب الطبقة بخطه الشريف، فكتبها ثم كتب في آخرها: كتبه أبا - بالنصب - بكر بن سليمان، فتناول الجزء بعض الحاضرين من يده فقرأه، فالتفت إلى آخر عن جانبه فغمزه، فانتبهت لهما، وقد كنت رأيته حين كتب ذلك، ولم يحتمل المجلس تلحين الخليفة، ولا هان عليّ مادار بين ذينك الشخصين، فانشدت في الحال قولهم:

إنَّ أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتها

فطرب من في المجلس لذلك، أما الحاضرون فإنهم عجبوا لإستحضار دليل جواز ذلك بسرعة، وأما مولانا أمير المؤمنين فإنه اتخذه في معرض المدح له ولآبائه ... " (٣).

وكان رحمه الله قائماً بالمعروف والنهي عن المنكر متحملاً في سبيل ذلك مايلقاه من أذى، فقد رد بقصيدة على التقي السبكي في قصيدته البائية المشهورة دفاعاً عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، فتململ بها المتهالكون من أهل البدع والأهواء لوقعها الشديد على قلوبهم، فرماه


(١) انظر: الدرر الكامنة (٦/ ٢٤٧)، إنباء الغمر (١/ ١٥٠)، شذرات الذهب (٨/ ٤٢٩)، معجم المؤلفين (١٣/ ٣٣٢)، لعمر كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث، لبنان.
(٢) هو المعتضد بالله الثاني أبو الفتح أبو بكر بن المستكفي بالله من خلفاء العباسيين بمصر، ولي الخلافة بعد وفاة أخيه سنة ٧٥٣ بعهد منه، وكان خيّراً متواضعاً محباً لأهل العلم، وقد توفي سنة ٧٦٣. انظر: شذرات الذهب (٦/ ١٩٧)، تاريخ الخلفاء ص ٤٣٠، لجلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، الطبعة الأولى ١٣٧١، مطبعة السعادة، مصر.
(٣) شرح اللؤلؤ في النحو ص ٨٥، تحقيق: إبراهيم حمد الدليمي، رسالة ماجستير في اللغة العربية وآدابها بكلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية، ١٩٩٥ م.

<<  <   >  >>