منذ بضع عشرة سنة فكرتُ في طبع "صحيح البخاري" بطلب أحد الناشرين إذْ ذاك، ثم لم يقدَّر أن يتحقق ما أردنا.
وكانت الفكرة مبنية على إخراج الكتاب إخراجًا صحيحًا متقنًا موثقًا عن أصح نسخة وأجلها، وهي الطبعة السلطانية، التي أمر بطبعها "أمير المؤمنين السلطان عبد الحميد رحمه الله"، وطبعتْ بمصر في المطبعة الأميرية، في سني ١٣١١ - ١٣١٣ هـ، ثم الطبعة التالية لها، التي طبعت على مثالها في المطبعة الأميرية سنة ١٣١٤ هـ.
والطبعة السلطانية مطبوعة عن النسخة "اليُونينية"، وهي أعظم أصل يوثق به في نسخ "صحيح البخاري". والنسخة "اليونينية" هي التي جعلها العلامة القسطلاني (المتوفى سنة ٩٢٣ هـ) عمدته في تحقيق متن الكتاب وضبطه حرفًا حرفًا، وكلمة كلمة. وهذه هي أكبر ميزة لشرح القسطلاني المسمى "إرشاد الساري"، وهو شرح معروف مشهور عند أهل العلم.
فكتبت حينذاك مقدمة أعددتها لتقديمها بين يدي الكتاب عند
(*) مجلة الكتاب، المجلد الحادي عشر، السنة السابعة، الجزء الثامن، المحرم ١٣٧٢ - أكتوبر ١٩٥٢.