يسوغ له الأخذ بالحديث إذا فهم معناه وإن احتمل النسخ؟ ولو كانت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان، لكان قولهم شرطًا في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل، وقد أقام الله - تعالى - الحجة برسوله - صلى الله عليه وسلم - دون آحاد الأمة، ولا يعرض احتمال الخطإ لمن عمل بالحديث، وأفتى به بعد فهمه إلا وأضعاف أضعافه حاصل لمن أفتى بتقليد من لا يُعلم خطؤه من صوابه، ويجري عليه التناقض والاختلال، ويقول القول ويرجع عنه، ويحكى عنه في المسألة عدة أقوال.
وهذا كله فيمن له نوع أهلية، أما إذا لم يكن له أهلية ففرضه ما قال الله - تعالى -: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. [النحل: ٤٣] , وإذا جاز اعتماد المستفتي على ما يكتبه له المفتي من كلامه أو كلام شيخه، وإن علا فَلأَنْ يجوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بالجواز، ولو قُدَّر أنه لم يفهم الحديث فكما لو لم يفهم فتوى المفتي يسأل من يعرفها، فكذلك الحديث. انتهى كلام السندي ملخصًا، وقد أطال من هذا النفس العالي - رحمه الله تعالى ورضي عنه -.
* * *
[الفقه في الدين والاجتهاد]
قال الإِمام تقي الدين ابن دقيق العيد - من أئمة الشافعية - في خطبة (شرح الإلمام) كما نقله عنه السبكي في طبقاته في ترجمته: إن