لا يزال كثير من الناس يذكرون ذلك الجدال الغريب الذي ثار في الصحف بشأن الخلاف في جواز ولاية المرأة القضاء! !
والذي أثار هذا الجدال هو وزارة العدل؛ إذ تقدم إليها بعض (البنات) اللائي أعطين شهادة الحقوق، ورأين أنهن بذلك صرن أهلًا لأنْ يكُنَّ في مناصب النيابة، تمهيدًا لوصولهنّ إلى ولاية القضاء! فرأت الوزارة إن لا تستبد بالفصل في هذه الطلبات وحدها، دون أن تستفتي العلماء الرسميين.
وذهب العلماء الرسميون يتبارَوْن في الإفتاء، ويَحْكُونَ في ذلك أقوال الفقهاء؛ فمِنْ ذاكرٍ مذاهبَ أبي حنيفة في إجازة ولايتها في الأموال فقط، ومن ذاكرٍ المذهبَ المنسوب لابن جرير الطبري في إجازة ولايتها القضاء بإطلاق، ومن ذاكرٍ المذهبَ الحقَّ الذي لا يجوز ولايتَها القضاءَ قط، وأن قضاءها باطلٌ مطلقًا، في الأموال وغير الأموال.
ومن أعجب المضحكات في هذا الجدال الغريب: أن تقوم امرأة فتكتب ردًّا على من استدل من العلماء بالحديث الصحيح الثابت:
(*) مجلة الهدي النبوي، المجلد الخامس عشر، العدد الثاني صفر ١٣٧٠ هـ.