حين ثارت (موقعة الجمل) بين المفتيين السابق واللاحق، قابلت الأخ العلامة الشيخ محمود شلتوت، أحد جماعة كبار العلماء، وأحد أعضاء لجنة الفتوى في الأزهر، وهو من يعرف العالم الإِسلامي له فضله وشجاعته في قول الحق، وعتبت عليه أن لم يتحدث هو ولا لجنة الفتوى في وضع الحق موضعه، والفصل بين الرأيين أيهما الصحيح: رأى المفتي السابق أن هذا المحمل بدعة في الدين، لا يجوز إقرارها، وأن طواف (الجمل) سبع مرات وتقبيل مقوده حرام منكر، ورأى المفتي اللاحق بإباحة ذلك، وأنه بدعة (حسنة)! وحدثته بأن الناس ستتفرق بهم الآراء بين رأيين لعالمين معروفين، كان كل منهما في منصب الإفتاء الرسمي للدولة، وأن الفصل بين الحق والباطل إنما يكون بكلمة صريحة حازمة من أكبر هيئة علمية إسلامية في مصر، جماعة كبار العلماء، أو لجنة الفتوى بالأزهر، فقبل مني هذا العتب ووعد ثم أوفى، فتحدث إلى العالم عن طريق محطة الإذاعة المصرية مساء يوم الثلاثاء ٢١ ذي الحجة سنة ١٣٦٩ (٣ أكتوبر سنة ١٩٥٠) حديثًا شاملًا، وعرض فيه لبدعة (المحمل) هذه بكلمة قيمة فاصلة. فطلبت منه أن يرسل لي نصها،
(*) مجلة الهدي النبوي المجلد الخامس عشر، العدد الثالث، ربيع الأول ١٣٧٠ هـ.