صحيح أن كثيرًا من المحدثين يفعلون ذلك، ولكن المؤلف، الحافظ الذهبي، لم يحذف في هذا الجزء كلمة "حدثنا" من أول إسناده هو؛ إذ رَوَى الحديث بإسناده، وهو قد روى فيه ثمانية أحاديث بإسناده، في (ص ٤٨، ٥٨، ٦٥ مرتين، ٦٦، ٧٩ مرتين، ٨٠) وهو يقول في أكثرها: "أخبرنا" فلان، وفي اثنين منها:"قرأت على" فلان.
وإنما الأسانيد التي حذف المؤلف أولها هي الأسانيد التي علقها عن كتب السنة، اكتفاءً بمعرفة المحدّثين إياها، فيذكر بعض الإسناد من أعلاه، كأن يقول:"يونس عن ابن شهاب""سفيان بن عيينة عن أبي سعيد""معمر عن الزهري""مالك عن عبد الرحمن بن القاسم"، فمثل هذه الأسانيد، لا يجوز للقارئ أبدًا أن "يضيف بذهنه حدثنا" في رأس السند، إذ يكون محالًا أن يقول الحافظ الذهبي "حدثنا يونس""حدثنا مالك" ... إلخ. وإنما يقدر المحدّثون في مثل هذا:"روينا بإسنادنا أو بالإسناد المتصل عن يونس، أو عن سفيان، أو عن معمر" أو نحو ذلك المعنى. وهو شيء معروف لا يحتاج إلى بيان.
وبعد: فإن موسوعتي الذهبي "تاريخ الإسلام" و"سير أعلام النبلاء" من الدواوين الكبار، من مفاخر أئمة العرب والإسلام، ومن أوثق مصادر التاريخ للباحث المحقق، وللمؤرخ المتوثق: فمن التقصير الشديد أن يظلا مطويين مهجورين في دور الكتب. أفيقدم على نشرهما رجل موفق حازم، يكونان في ميزانه أجرًا وذكرًا؟ نرجو إن شاء الله.