المقام، وأرشده إلى فهم القرآن حق فهمه. ثم لا تجد مسألة من المسائل العمرانية أو الآيات الكونية إلا وأبان حكمة الله فيها، وأرشد إلى الموعظة بها، وكبت الملحدين والمعترضين بأسرارها، وأعلن حجة الله على الناس.
فهو يسهبُ في إزالة كلَّ شبهة تعرض للباحث من أبناء هذا العصر، ممن اطلعوا على أقوال الماديين وطعونهم في الأديان السماوية، ويدفع عن الدين ما يعرض لأذهانهم الغافلة عنه، ويُظهرهم على حقائقه الناصعة البيضاء، مع البلاغة العالية، والقوة النادرة. لله دره!
وأما الرد على النصارى واليهود، فإنه قد بلغ فيه الغاية، وكأنه لم يترك بعده قولًا لقائل، وذلك لسعة اطلاعه على أقوالهم وكتبهم ومفترياتهم. وهذا قيام بواجب قصَّر فيه أكثر المسلمين، في الوقت الذي تقوم فيه أوربة بحرب المسلمين حربًا صليبية - قولًا وعملًا - وتحاول سلخ المسلمين عن دينهم وإن لم يدخلوا في دينها، وها نحن أولاء نرى الجرأة العظمى بمحاولة تنصير أمة إسلامية قديمة متعصبة للإسلام، وهي أمة البربر المجيدة. وإن قيام أستاذنا بالرد عليهم بهذه الهمة من أجلَّ الأعمال عند الله ثم عند المسلمين.
ولقد عرض لكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية التي عرضت في شؤون المسلمين فأفسدت على كثير من شبابهم هداهم ودينهم، فحللها تحليلًا دقيقًا وأظهر الداء ووصف الدواء من القرآن