ومهما يقل أو يفعل فما هو بمستطيع أن يثير حفيظتي عليه أو أن يخرجني عن جبلتي، وعما رسمت لنفسي من حدود.
وليعلم - غير معلم - أن المطبعة العربية تخرج للقراء من الكتب والكتابة ما يعجز أسرع القارئين، وإنا نقرأ الكثير منه، إن لم يكن أكثره، وإنا لو شئنا أن ننقد مواضع النقد فيما نقرأ لنفد العمر قبل أن ينفد النقد، وإنا قرأنا ما كتب في العبقريات ولم نرض عنه كله، ولم نسخط عليه كله، وإنا رأينا له أغاليط، وأعاجيب، لعلنا لم ننشط إلى تتبعها عليه، وقد نفعل إن شاء الله. ولكنني أحب أن يثق بأن ما وصفته به إجمالًا عن خطته في البحث حق كله: أعجبه رأيي أو لم يعجبه.
وبعد؛ فسنعود إلى ما نحن بسبيله من البحث العلمي في القصة التي روى، والشعر الذي نسب إلى عروة وإلى المصدر الذي أشار إليه في رده؛ ليعرف مبلغ ما في قوله وروايته من قوة وضعف، ومن صحة وبطلان، ولنظهر على ما في كتبه من طرق البحث والتحري والتوثق، حتى يقدرها الناس قدرها.
فقد روى الكاتب الجريء هذه القصة ثلاثة مرات، نحكيها عنه بلفظها أولًا، ثم نذكر المصدر الذي أشار إليه، ثم ما رأينا في مصادر أُخر.
قال في كتاب (عبقرية الصديق) ص ٢٠٩ - ٢١٠ ما نصه بغلطه:
(فمن ذلك أنه كان - عليه السلام - يصلح نعله في يوم قائظ، فتندى جبينه، وتحدر العرق على خده، وهي تلحظه من قريب، وكان بها وجدًا عليه، فسألها:"ماذا دهاك؟ " فقالت: لو رآك الشاعر