واحد يضبط من الكلمة يضعها صحيحة على لسان القارئ لا تحتمل تصحيفًا، وبعض الكلم يكفي في تعيينها ضبط حرفين، والنادر من الكلم ما يحتاج إلى ضبط كل حروفه، ولعل نصف الكلمات أو قريبًا من نصفها لا يحتاج إلى ضبط، فيكون ضبطها عبثًا وتزيدًا.
وأنا أظن أني خبرت هذا ومارسته فيما نشرت من كتب، وأظن أني استطعت أن أستغني عن أكثر الشكل فيما أخرجته من الأجزاء من (المسند) للإمام أحمد بن حنبل، وقد أخطئ بعض الشيء فأشكل ما ليس بمشكل ولكني أحرص على أن لا أتجاوز ما رسمت.
وبعد: فلعل أكثر ما آخذه على الصديق الدكتور سامي أنه غلا غلوًّا شديدًا في إثبات اختلاف النسخ التي وقعت له من الديوان، وكثير منها مسخها الناسخون، وأفسدها الرواة الجاهلون، فإذا ما أراد القارئ أن يتتبع اختلاف الروايات في البيت أو الكلمة أضلته هذه الروايات الواضحة الغلط، وكان في بعضها ما يغني، وأنا أرى أن القصد في ذلك أفضل، وأن لا يثبت من اختلاف النسخ إلا ما احتمل التصويب، وما لم نجزم بخطئه قطعًا إلا أن يكون الخطأ في نسخة معتمدة يخشى أن يغتر بها بعض القارئين، أو يكون في طبعة وحيدة للكتاب سارت بين الناس وكثرت في أيديهم، فيخشى أن يعتمدوها حجة إذا غلب عليها الصحة، أما إذا غلب عليها الغلط، فأرى أن التنبيه عليها ووصفها كافٍ عن تتبع أغلاطها، وما أقول هذا إلا عن تجربة وعناء، وأسأل الله التوفيق.