كثيرون، فلعله لو أسهب طال الكتاب جدًّا, وليته فعل، إذن لكان ذلك أجدر به، وأقوى لكتابه، وأكثر فائدة ومتعة للقارئ، خصوصًا الذين تخفى عليهم كتب المتقدمين في التراجم وموسوعاتهم، والذين يضيق صدرهم أن يقرؤوا نفائس ما كتب الأقدمون. ولكن المؤلف على ما أوجز لم يقصر في إرشاد القارئ المجتهد الطلعة إلى مصادر التراجم التي أخذ منها، حتى يشبع نهمه، وييسر له سبل التوسع والبحث.
وليت المؤلف الفاضل لم يحرص على السجع في عنوان الكتاب، فهذه طريقة كانت مستحبة في وقت ما، في وقت التكلف في الكلام وفي الكتابة:(الفتح المبين في طبقات الأصوليين)! وما أبدعه اسمًا للكتاب لو كان (طبقات الأصوليين) ليس غير.
وعلم (الأصول) علم مستحدث، أول من ألف فيه الإِمام الشافعي محمَّد بن إدريس، المتوفى سنة ٢٠٤، كتب فيه "كتاب الرسالة"، وبعض كتب أخرى صغيرة في مسائل من مسائله، وما أظن أن هذا الاسم (الأصول) كان معروفًا بالمعنى الاصطلاحي الذي يعرفه المتأخرون لا في عصر الشافعي ولا قبله وإنما (كتاب الرسالة) كتاب في أصول استنباط المسائل الفقهية من الكتاب والسنة، وكذلك كتب الشافعي الأخرى، أما أن تكون وضعت لهذا المعنى المتعارف، فما أظن ذلك، وأيًّا ما كان فمن اليقين أنه لم يكن معروفًا بهذا المعنى في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه ولا تابعيهم، فلذلك