أثبت رواية الدميري؛ لأن الأصل صواب غير خطأً، خلافًا لما يوهمه صنيعه، فإن "الفاحش" و"الفحاش" بمعنى، وكذلك "السخاب" و"الصخاب" بالسين والصاد، جاءا كلاهما في الأحاديث، وفي لسان العرب. "والسخب والصخب بمعنى الصياح، والصاد والسين يجوز في كل كلمة فيها خاء". فلم يكن ما في الأصل خطأ حتى يجوز للأستاذ تجاوزه وتغييره إلى غيره.
وأعجب من هذا كله أن ينقل المؤلف قطعة من كلام الغزالي في الإحياء، والإحياء كتاب مطبوع متداول، فلا ينشط المحقق لمراجعة النص على أصله، بل يراجعه على نقل الدميري عنه، ويتصرف في نص المقريزي بما نقل الدميري. ثم يزيدك عجبًا واستغرابًا أن يقول المؤلف بالحرف الواحد (ص ٦٦ هامشة ١١): "ونلاحظ هنا أن اتفاق المقريزي والدميري في الصيغة يدل بوضوح على أن الأول ينقل عن الثاني في هذا الفصل نقلًا حرفيًّا"!
ولماذا هذا الجزم؟ لا أدري والله! ألا يستطيع المقريزي أن يجد نسخة من كتاب الإحياء ينقل عنها حتى يضطر إلى النقل من الدميري؟ والمقريزي أعلم وأوسع اطلاعًا وأخبر بالكتب من الدميري ألف مرة! أفإذا نقلت أنا هذا الفصل عن الإحياء في بعض ما أكتب أتهم بأني نقلته عن الدميري أو عن المقريزي بأنهما أقدم مني؟ ما أظن أحدًا يزعم هذا أبدًا.
ثم قد أطال المحقق هوامش الكتاب بتراجم لكثير من الرجال