العرب النساء في الحرب - إن صحت - لا تكون حجة في الإِسلام، وهو تشريع أُنفٌ، لا يقرّ كثيرًا من تقاليد العرب في الجاهلية، بل ينهاهم عن أكثر ما كانوا عليه وما كان عليه آباؤهم من قبل.
والظاهر من سياق الروايات في الوقعة وما دار حولها، أن خالدًا سبى نساء القوم، أي أخذهنَّ رقيقًا غنيمة، كحكم الإِسلام في حرب الكفار والمشركين، واصطفى لنفسه من السبي امرأة مالك، والإِسلام يجيز ذلك، وأنهُ استبرأها بحيضة واحدة، ثم دخل بها، وهذا عمل مشروع جائز، لا مغمز فيه ولا مطعن، وأن أعداءه والمخالفين عليه رأوا في هذا العمل فرصتهم، فانتهزوا، وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم، وأن خالد قتله من أجل امرأته، وذهبوا ينسجون حول هذا الأكاذيب، حتى بلغوا بذلك عمر، وكان سيئ الظن بخالد، ولم تكن بينهما مودة، يقول صاحب الأغاني (١٤: ٦٦): "فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر، وقال: عدو الله عدا على امرئ مسلم فقتله ثم نزا على امرأته" وأكثر عمر في ذلك على أبي بكر، حتى قال له:"هبه يا عمر تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد". وحمى أبو بكر قائده العظيم من الأراجيف، وقضى على الفتنة بأن أدى دية مالك، وكتب إلى خالد برد السبي (الطبري ٣: ٢٤٢) فهذا من أبي بكر سياسة واحتياط، فإن كان القوم قد تابوا ورجعوا إلى الإِسلام، كما يزعم خصوم خالد والمخالفون عليه، فالدية للقتل الخطأ، والسبي يرد على أهله، وإن تكن الأخرى لم يكن