للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاني الترف الشرقي أبهى صوره وأكثرها وحيًا لآلهة الفن وشياطين الشعر". فما "آلهة الفن" هذه؟ ! إني أرى كثيرًا من الكاتبين في هذا العصر يصطنعون كلمات يأخذونها عن الأمم الأخرى، يتزيَّدون بها ويتجملون، يظنون أن لا بأس بها، وفيها كلُّ العباس وكلُّ الشرّ. إن تسمية "آلهة" أخرى من دون الله كلمات وثنية، جاء الإسلام بحربها والقضاء عليها، وما تنفع المعذرة بأن مثل هذه الكلمات إنما هي ألفاظ لا تُعتقد معانيها ودلالاتها، فإنما وضعت الألفاظ للدلالة، ولا يطلع على خفايا القلوب إلا الله. ولا يجوز لأحد أن ينطق بمثل هذه الكلمات، لا هزلًا ولا جدًّا، وما أذن الله لأحد أن يقول شيئًا من ذلك {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]. وما أظن أحدًا يُكره هؤلاء الكتّاب على اتخاذ هذه الألفاظ الوثنية، أيًّا كان مقصدهم منها، أو تأولهم لدلالتها {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦)} [الصافات: ٨٦]. وليعلمْ هؤلاء وغيرهم أن الله نعى على المشركين تسميتهم آلهة من دونه، وما كانوا يزعمون أنهم الخالقون الرازقون، بل كانوا يؤمنون بالله، ويشركون بآلهتهم، أنهم يَدْعُونها ويعبدونها لتقرّبهم إلى الله زلفى، كما حكى الله عنهم في القرآن. فمهما يتأوَّل المتأوّلون في تسمية آلهة من دون الله، فلن يبعد بهم تأوُّلهم عن شيء لا يجوز أن يقوله من يدين بدين سماوي شرعه الله.

والمؤلف يؤلف كتابه في سيرة عمر، ويتمدَّح بأعمال عمر، ويرفع من شأن عمر، وأنا أوقن أن لو قد سمع هذه الكلمة عمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>