ويبرئ الله عمر من التهمة بها، فإنها ليست إلَّا مخالفة السنة بالرأي والهوى، وما هي إلَّا نسخُ شيء من السنة بعد وفاة رسول الله، وما قال هذا أحد قط، ولعل للمؤلف رأيًا يحوم حوله، لا يكاد يصرح به، فإني أراه قال في أواخر الكتاب (ص ٣٢٢): "فحق لعمر أن يُدفن مع صاحبيه، ليَنعم بجوارهما، وتطمئن روحه إلى أنه سار على سنتهما، وأنه أتم على الأرض ما قضى الله أن يَتم حين أوحى إلى نبيه رسالة السماء، وقد أتم عمر هذه الرسالة"! ! ولست أدري، أهو يعتقد حقًّا أن عمر أتمَّ على الأرض هذه الرسالة، أم هو يرى أن شؤون النبوة والرسالة كبعض ما يعرف من شؤون الدولة والسلطان، أم هو يلقي الكلام على عواهنه، لا يلقي له بالًا؟ ! اللهم غفرًا.
واسمعْ - يا سيدي - بعض ما قال إمام الأئمة محمد بن إدريس الشافعي في وجوب اتباع سنة رسول الله على كل أحدٍ، وهو قول كافة أهل العلم:"وكلُّ ما سَنَّ فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقًا، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجًا". (الفقرة ٢٩٤ من كتاب الرسالة للشافعي بتحقيقنا". وقال أيضًا في الفقرة ٣٢٦: "فيما وصفتُ من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله: دليلٌ على أن سنة رسول الله إنما قبلت عن الله، فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها، ولا تجد خبرًا ألزمه الله خلقه نصًّا بينًا إلَّا كتابه ثم سنَّة نبيه، فإذا كانت السنةُ كما وصفت، لا شبه لها من قول خلق الله، لم يجز أن